لطائف الإشارات للقشيري - القشيري [إخفاء]  
{لَهُۥ مَقَالِيدُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِۖ يَبۡسُطُ ٱلرِّزۡقَ لِمَن يَشَآءُ وَيَقۡدِرُۚ إِنَّهُۥ بِكُلِّ شَيۡءٍ عَلِيمٞ} (12)

قوله جل ذكره : { لَهُ مَقَالِيدُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَقْدِرُ إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ } .

" مقاليد " أي مفاتيح ، والمفاتيح للخزائن ، وخزائنه مقدوراته . وكما أن في الموجودات معادن مختلفة فكذلك القلوب معادن جواهر الأحوال ؛ فبعض القلوب معادن المعرفة ، وبعضها معادن المحبة ، وبعضها للشوق ، وبعضها للأُنْس . . وغير ذلك من الأحوال كالتوحيد والتفريد والهيبة والرضا . وفائدة التعريف بأن المقاليد له : أَنْ يقطع العبدُ أفكارَه عن الخَلْق ، ويتوجَّه في طلب ما يرد من الله الذي { يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَن يَشَآءُ وَيَقْدِرُ } ، والذي هو { بِكُلِ شَيْءٍ عَلِيمٌ } : يوسِّع ويضيِّق أرزاقَ النفوسِ وأرزاقَ القلوب حسبما شاء وحَكَمَ وعَلِمَ .

 
روح المعاني في تفسير القرآن والسبع المثاني للآلوسي - الآلوسي [إخفاء]  
{لَهُۥ مَقَالِيدُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِۖ يَبۡسُطُ ٱلرِّزۡقَ لِمَن يَشَآءُ وَيَقۡدِرُۚ إِنَّهُۥ بِكُلِّ شَيۡءٍ عَلِيمٞ} (12)

{ يَبْسُطُ الرزق لِمَنْ يَشَاء وَيَقَدِرُ } .

وقرئ { يُقَدّرُ } بالتشديد { إِنَّهُ بِكُلّ شَىْء عَلِيمٌ } مبالغ في الإحاطة به فيفعل كل ما يفعل جل شأنه على ما ينبغي أن يفعل عليه ، والجملة تعليل لما قبلها وتمهيد لما بعدها من قوله تعالى : { شَرَعَ لَكُم مّنَ الدين مَا وصى بِهِ نُوحاً والذي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وموسى وعيسى } .

ومما قاله أرباب الإشارات في بعض الآيات : { لَّهُ مَقَالِيدُ السموات والأرض } [ الشورى : 12 ] أي مفاتيح سموات القلوب وفيها خزائن لطفه تعالى ورحمته عز وجل وأرض النفوس وفيها خزائن قهره سبحانه وعزته جل جلاله فكل قلب مخزن لنوع من ألطافه كالمعرفة والمحبة والشوق والتوحيد والهيبة والانس والرضا إلى غير ذلك ، وقد يجتمع في القلب خزائن وكل نفس مخزن لنوع من آثار قهره كالنكرة والجحود والإنكار والشرك والنفاق والحرص والكبر والبخل والشره وغير ذلك ، وقد يجتمع في النفس خزائن ، وفائدة الأخبار بأن له سبحانه مقاليد ذلك قطع أفكار العباد عمن سواه سبحانه في جلب ما يريدونه ودفع ما يكرهونه