لطائف الإشارات للقشيري - القشيري [إخفاء]  
{يُرِيدُونَ لِيُطۡفِـُٔواْ نُورَ ٱللَّهِ بِأَفۡوَٰهِهِمۡ وَٱللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِۦ وَلَوۡ كَرِهَ ٱلۡكَٰفِرُونَ} (8)

قوله جل ذكره : { يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللَّهُ مُتِّمُّ نُورِهِ وَلَو كَرِهَ الكَافِرُونَ } .

فَمَنْ احتال لوَهنه ، أو رامَ وهْيَه انعكس عليه كَيْدُه ، وانتقض عليه تدبيرُه .

{ وَيَأْبَى اللَّهُ إِلاَّ أن يُتِمَّ نُورَهُ } : كما قالوا :

ولله سِرٌّ في عُلاهُ وإنما *** كلامُ العِدَى ضَرْبٌ من الهَذَيانِ

كأنه قال : مَنْ تمنَّى أن يُطْفِئ نورَ الإسلام بكيده كمن يحتال ويزاول إطفاء شعاعِ الشمس بنَفْثه ونَفْخِه فيه - وذلك من المُحال .

 
تيسير التفسير لإبراهيم القطان - إبراهيم القطان [إخفاء]  
{يُرِيدُونَ لِيُطۡفِـُٔواْ نُورَ ٱللَّهِ بِأَفۡوَٰهِهِمۡ وَٱللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِۦ وَلَوۡ كَرِهَ ٱلۡكَٰفِرُونَ} (8)

نور الله : دينه الذي يدعو إليه الرسول الكريم .

بأفواههم : يعني بأكاذيبهم وأباطيلهم .

والله متم نوره : والله مظهرٌ دينَه ، وقد صدق .

ثم بين الله تعالى أنهم حاولوا إبطالَ الدِين وردَّ المؤمنين عنه ، لكنّهم لم يستطيعوا وخابوا في سعيهم فقال : { يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُواْ نُورَ الله بِأَفْوَاهِهِمْ } .

إن هؤلاء الجاحدين من قريشٍ ، وبني إسرائيل في المدينة ، والمنافقين معهم ، حاولوا القضاءَ على الإسلام بالدسائس والأكاذيب فخذلَهم الله تعالى ، وأظهر دِينه فهو الدينُ القيم الذي أنار الكون ، وخاب سعيهم .

{ والله مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الكافرون } .

قراءات :

قرأ ابن كثير وحمزة والكسائي وحفص وخلف : متم نوره بضم الميم والإضافة بجر نوره . والباقون : متم نوره بتنوين متم ، ونصب نوره .

 
روح المعاني في تفسير القرآن والسبع المثاني للآلوسي - الآلوسي [إخفاء]  
{يُرِيدُونَ لِيُطۡفِـُٔواْ نُورَ ٱللَّهِ بِأَفۡوَٰهِهِمۡ وَٱللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِۦ وَلَوۡ كَرِهَ ٱلۡكَٰفِرُونَ} (8)

{ يُريدُونَ ليُطْفئُوا نُورَ الله بأفْوَاههمْ } تمثيل لحالهم في اجتهادهم في إبطال الحق بحالة من ينفخ الشمس بفيه ليطفئها تهكماً وسخرية بهم كما تقول الناس : هو يطفيء عين الشمس ، وذهب بعض الأجلة إلى أن المراد بنور الله دينه تعالى الحق كما روي عن السدى على سبيل الاستعارة التصريحية ، وكذا في قوله سبحانه : { وَاللَّهَ مُتمُّ نُوره } و { متم } تجريد ، وفي قوله تعالى : { بأفواههم } تورية ، وعن ابن عباس . وابن زيد يريدون إبطال القرآن وتكذيبه بالقول ، وقال ابن بحر : يريدون إبطال حجج الله تعالى بتكذيبهم ، وقال الضحاك : يريدون هلاك الرسول صلى الله عليه وسلم بالأراجيف ، وقيل : يريدون إبطال شأن النبي صلى الله عليه وسلم وإخفاء ظهوره بكلامهم وأكاذيبهم ، فقد روي عن ابن عباس أن الوحي أبطأ أربعين يوماً فقال كعب بن الأشرف : يا معشر يهود أبشروا أطفأ الله تعالى نور محمد فيما كان ينزل عليه ، وما كان ليتم نوره فحزن الرسول صلى الله عليه وسلم فنزلت { يريدون } إلى آخره ، وفي { يريدون ليطفئوا } مذاهب : أحدها أن اللام زائدة والفعل منصوب بأن مقدرة بعدها ، وزيدت لتأكيد معنى الإرادة لما في لام العلة من الاشعار بالإرادة والقصد كما زيدت اللام في : لا أبالك لتأكيد معنى الإضافة ؛ ثانيها أنها غير زائدة للتعليل ، ومفعول { يريدون } محذوف أي يريدون الافتراء لأن يطفئوا ، ثالثها أن الفعل أعني { يريدون } حال محل المصدر مبتدأ واللام للتعليل والمجرور بها خبر أي إرادتهم كائنة للإطفاء ، والكلام نظير تسمع بالمعيدي خير من أن تراه من وجه ، رابعها أن اللام مصدرية بمعنى أن من غير تقدير والمصدر مفعول به ويكثر ذلك بعد فعل الإرادة والأمر ، خامسها أن { يريدون } منزل منزلة اللازم لتأويله بيوقعون الإرادة ، قيل : وفيه مبالغة لجعل كل إرادة لهم للإطفاء وفيه كلام في «شرح المغني » وغيره .

وقرأ العربيان . ونافع . وأبو بكر . والحسن . وطلحة . والأعرج . وابن محيصن { متم } بالتنوين { نوره } بالنصب على المفعولية لمتم { وَلَوْ كَرهَ الكافرون } حال من المستكن في { متم } وفيه إشارة إلى أنه عز وجل متم ذلك إرغاماً لهم .