قوله جلّ ذكره : { إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأصْلِحُواْ بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُواْ اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ } .
إيقاعُ الصلح بين المتخاصمين مِنْ أوْكَد عزائم الدِّين .
وإذا كان ذلك واجباً فإنه يدل على عِظَمِ وِزْرِ الواشي والنَّمام ؛ والمصْدَرِ في إفساد ذات البَيْن .
( ويقال إنما يتم ذلك بتسوية القلب مع الله فإن الله إذا علم صِدْق هِمةِ عبدٍ في إصلاح ذات البيْن ) فإنه يرفع عنهم تلك العصبيَّة .
فأما شرط الأخوة : فمِنْ حقِّ الأُخُوةِ في الدِّين إلا تُحُوِجَ أخاك إلى الاستعانة بك أو التماس النصرة عنك ، وألا تُقصِّر في تَفَقُّدِ أحواله بحيث يشكل عليك موضع حاجته فيحتاج إلى مساءلتك .
ومن حقِّه ألا تُلْجِئَه إلى الاعتذار لك بل تبسط عُذْرَه ؛ فإنْ أُشْكِل عليكَ وَجْهُه عُدْت باللائمة على نفسك في خفاء عُذْرِه عليك ومن حقه أنْ تتوبَ عنه إذا أذْنَبَ ، وتَعودَه إذا مرض . وإذا أشار عليك بشيءٍ فلا تُطَالِبْه بالدليل عليه وإبراز الحُجَّة - كما قالوا :
إذا اسْتَنْجِدُوا لم يسألوا مَنْ دعاهم *** لأيَّةِ حَرْبٍ أم لأي مكان
ومِنْ حقِّه أَنْ تَحفَظَ عَهْدَه القديم ، وأَنْ تُراعِيَ حقَّه في أهله المتصلين به في المشهد المغيب ، وفي حال الحياة وبعد الممات - كما قيل :
وخليل إن لم يكن *** منصفاً كُنْتَ منصفا
الأخوة : في النسب ، وقد جعلت الأخوة في الدين كالأخوة في النسب . والإخوان : في الصداقة .
إنما المؤمنون بالله ورسوله إخوةٌ جَمَعَ الإيمانُ بين قلوبهم ووحّدهم . وفي الحديث الصحيح : « المسلم أخو المسلم لا يظلمه ، ولا يُسْلمه ، ولا يَعيبُه ، ولا يخذُله » فأصلحوا بين أخويكم رعايةً لأخوة الإيمان ، { واتقوا الله لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ } واجعلوا لأنفسكم وقاية من عذاب الله بامتثال أوامره واجتناب نواهيه حتى يرحمكم ، لتكونوا إخوة على الحب والسلام والتعاون والوحدة في مجتمعكم ، وبذلك تكونون أقوياء أعزاء تحت راية الإسلام .
فإن قاتلَ جماعة المؤمنين الفئةَ التي لم تقبل الصلح ، فإنه لا يجوز أن يُجهز على جريح ، ولا يقتل أسير ، ولا يجوز أن يُتعقّب من هرب وترك المعركة ، ولا تؤخذ أموال البغاة غنيمة ، لأن الغرضَ من قتالهم ردُّهم إلى صفّ المؤمنين ، وضمُّهم إلى لواء الأخوّة الإسلامية .
قرأ يعقوب : فأصلحوا بين إخوتكم ، بالجمع . والباقون : بين أخَويكم بالتثنية .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.