لطائف الإشارات للقشيري - القشيري [إخفاء]  
{إِنَّمَا ٱلۡمُؤۡمِنُونَ إِخۡوَةٞ فَأَصۡلِحُواْ بَيۡنَ أَخَوَيۡكُمۡۚ وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ لَعَلَّكُمۡ تُرۡحَمُونَ} (10)

قوله جلّ ذكره : { إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأصْلِحُواْ بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُواْ اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ } .

إيقاعُ الصلح بين المتخاصمين مِنْ أوْكَد عزائم الدِّين .

وإذا كان ذلك واجباً فإنه يدل على عِظَمِ وِزْرِ الواشي والنَّمام ؛ والمصْدَرِ في إفساد ذات البَيْن .

( ويقال إنما يتم ذلك بتسوية القلب مع الله فإن الله إذا علم صِدْق هِمةِ عبدٍ في إصلاح ذات البيْن ) فإنه يرفع عنهم تلك العصبيَّة .

فأما شرط الأخوة : فمِنْ حقِّ الأُخُوةِ في الدِّين إلا تُحُوِجَ أخاك إلى الاستعانة بك أو التماس النصرة عنك ، وألا تُقصِّر في تَفَقُّدِ أحواله بحيث يشكل عليك موضع حاجته فيحتاج إلى مساءلتك .

ومن حقِّه ألا تُلْجِئَه إلى الاعتذار لك بل تبسط عُذْرَه ؛ فإنْ أُشْكِل عليكَ وَجْهُه عُدْت باللائمة على نفسك في خفاء عُذْرِه عليك ومن حقه أنْ تتوبَ عنه إذا أذْنَبَ ، وتَعودَه إذا مرض . وإذا أشار عليك بشيءٍ فلا تُطَالِبْه بالدليل عليه وإبراز الحُجَّة - كما قالوا :

إذا اسْتَنْجِدُوا لم يسألوا مَنْ دعاهم *** لأيَّةِ حَرْبٍ أم لأي مكان

ومِنْ حقِّه أَنْ تَحفَظَ عَهْدَه القديم ، وأَنْ تُراعِيَ حقَّه في أهله المتصلين به في المشهد المغيب ، وفي حال الحياة وبعد الممات - كما قيل :

وخليل إن لم يكن *** منصفاً كُنْتَ منصفا

تتحسَّى له الأمَرَّ *** يْن وكُنْ ملاطفا

إنْ يَقُل لكَ استوِ احترفْ *** ت رضًى لا تكلُّفا

 
تيسير التفسير لإبراهيم القطان - إبراهيم القطان [إخفاء]  
{إِنَّمَا ٱلۡمُؤۡمِنُونَ إِخۡوَةٞ فَأَصۡلِحُواْ بَيۡنَ أَخَوَيۡكُمۡۚ وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ لَعَلَّكُمۡ تُرۡحَمُونَ} (10)

الأخوة : في النسب ، وقد جعلت الأخوة في الدين كالأخوة في النسب . والإخوان : في الصداقة .

إنما المؤمنون بالله ورسوله إخوةٌ جَمَعَ الإيمانُ بين قلوبهم ووحّدهم . وفي الحديث الصحيح : « المسلم أخو المسلم لا يظلمه ، ولا يُسْلمه ، ولا يَعيبُه ، ولا يخذُله » فأصلحوا بين أخويكم رعايةً لأخوة الإيمان ، { واتقوا الله لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ } واجعلوا لأنفسكم وقاية من عذاب الله بامتثال أوامره واجتناب نواهيه حتى يرحمكم ، لتكونوا إخوة على الحب والسلام والتعاون والوحدة في مجتمعكم ، وبذلك تكونون أقوياء أعزاء تحت راية الإسلام .

فإن قاتلَ جماعة المؤمنين الفئةَ التي لم تقبل الصلح ، فإنه لا يجوز أن يُجهز على جريح ، ولا يقتل أسير ، ولا يجوز أن يُتعقّب من هرب وترك المعركة ، ولا تؤخذ أموال البغاة غنيمة ، لأن الغرضَ من قتالهم ردُّهم إلى صفّ المؤمنين ، وضمُّهم إلى لواء الأخوّة الإسلامية .

قراءات :

قرأ يعقوب : فأصلحوا بين إخوتكم ، بالجمع . والباقون : بين أخَويكم بالتثنية .