لطائف الإشارات للقشيري - القشيري [إخفاء]  
{يَـٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ لَا يَسۡخَرۡ قَوۡمٞ مِّن قَوۡمٍ عَسَىٰٓ أَن يَكُونُواْ خَيۡرٗا مِّنۡهُمۡ وَلَا نِسَآءٞ مِّن نِّسَآءٍ عَسَىٰٓ أَن يَكُنَّ خَيۡرٗا مِّنۡهُنَّۖ وَلَا تَلۡمِزُوٓاْ أَنفُسَكُمۡ وَلَا تَنَابَزُواْ بِٱلۡأَلۡقَٰبِۖ بِئۡسَ ٱلِٱسۡمُ ٱلۡفُسُوقُ بَعۡدَ ٱلۡإِيمَٰنِۚ وَمَن لَّمۡ يَتُبۡ فَأُوْلَـٰٓئِكَ هُمُ ٱلظَّـٰلِمُونَ} (11)

قوله جلّ ذكره : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ عَسَى أَن يَكُونُوا خَيْراً مِّنْهُمْ وَلاَ نِسَاءٌ مِنْ نِسَاءٍ عَسَى أَن يَكُنَّ خَيْراً مِّنْهُنَّ وَلاَ تَلْمِزُوا أَنفُسَكُمْ وَلاَ تَنَابَزُوا بِالأَلْقَابِ بِئْسَ الاسْمُ الفُسُوقُ بَعْدَ الإِيمَانِ وَمَن لَّمْ يَتُبْ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ } .

نهى اللَّهُ - سبحانه تعالى - عن ازدراءِ الناس ، وعن الغَيْبَةِ ، وعن الاستهانةِ بالحقوق ، وعن تَرْكِ الاحترام .

{ وَلاَ تَلْمِزُواْ أَنْفُسَكُمْ } : أي لا يَعِيبَنَّ بعضُكم بعضاً ، كقوله : { وَلاَ تَقْتُلُواْ أَنفُسَكُمْ } [ النساء : 29 ] .

ويقال : ما استصغر أحدٌ أحداً إلا سُلِّطَ عليه . ولا ينبغي أن يُعْتَبَر بظاهر أحوال الناس فإنَّ في الزوايا خبايا . والحقُّ يستر أولياءَه في حجابِ الضّعَة ؛ وقد جاء في الخبر : " رُبَّ أشعث أغبر ذي طمرين لا يُؤْبَهُ له لو أقسم على الله لأَبَرَّه " .

 
تيسير التفسير لإبراهيم القطان - إبراهيم القطان [إخفاء]  
{يَـٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ لَا يَسۡخَرۡ قَوۡمٞ مِّن قَوۡمٍ عَسَىٰٓ أَن يَكُونُواْ خَيۡرٗا مِّنۡهُمۡ وَلَا نِسَآءٞ مِّن نِّسَآءٍ عَسَىٰٓ أَن يَكُنَّ خَيۡرٗا مِّنۡهُنَّۖ وَلَا تَلۡمِزُوٓاْ أَنفُسَكُمۡ وَلَا تَنَابَزُواْ بِٱلۡأَلۡقَٰبِۖ بِئۡسَ ٱلِٱسۡمُ ٱلۡفُسُوقُ بَعۡدَ ٱلۡإِيمَٰنِۚ وَمَن لَّمۡ يَتُبۡ فَأُوْلَـٰٓئِكَ هُمُ ٱلظَّـٰلِمُونَ} (11)

لا يسخر قوم من قوم : لا يحتقر أحد منكم أخاه بذكر عيوبه وإظهار نقائصه . يقال سخر به ومنه ، هزئ به ومنه . القوم : شاع إطلاقه على الرجال دون النساء .

ولا تلمزوا أنفسكم : لا يعيب أحد منكم أخاه ، وعبّر بأنفسكم كأنهم جميعا نفسٌ واحدة فإذا عابَ المؤمن أخاه المؤمنَ كأنه عاب نفسَه .

يريد الله تعالى أن يكون المجتمع الإسلامي مجتمعاً فاضلا ، فأدّبنا بهذا الأدب الرفيع ، فلكل إنسان كرامتُه ، وهي من كرامة الجميع ، فإذا حصل ضرر لأي فرد فإنه ضرر للناس كلهم . لذلك ينهى الله تعالى أن يسخَرَ رجالٌ من رجال آخرين لعلّهم خير منهم عند الله ، أو نساء من نساءٍ لعلّهن خير منهن عند الله .

{ وَلاَ تلمزوا أَنفُسَكُمْ }

لا يعب بعضُكم بعضا بقول أو إشارة على وجه الخفية ، فإنكم أيها المؤمنون كالجسدِ الواحد إن اشتكى عضو منه تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى . وهذا حديث صحيح رواه مسلم .

{ وَلاَ تَنَابَزُواْ بالألقاب }

ولا يدعو بعضكم بعضاً بالألقاب المستكرَهة ، ولا تدعوا أحدا بما لا يحبّ من الألقاب القبيحة .

أما الألقاب اللطيفة التي تدل على معانٍ حسنة فلا مانع من استعمالها كما قيل لأبي بكر عتيق ، ولعمر بن الخطاب : الفاروق ، ولعثمان : ذو النورين الخ . .

{ بِئْسَ الاسم الفسوق بَعْدَ الإيمان }

بئس الاسم أن تُسمَّوا فاسقين بعد أن تكونوا مؤمنين . ومن لم يتبْ ويرجع عما نهى الله عنه فأولئك هم الظالمون الذين ظلموا أنفسَهم وغيرهم بعصيانهم أوامر الله .