لطائف الإشارات للقشيري - القشيري [إخفاء]  
{فَٱصۡبِرۡ إِنَّ وَعۡدَ ٱللَّهِ حَقّٞ وَٱسۡتَغۡفِرۡ لِذَنۢبِكَ وَسَبِّحۡ بِحَمۡدِ رَبِّكَ بِٱلۡعَشِيِّ وَٱلۡإِبۡكَٰرِ} (55)

قوله جل ذكره : { فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ بِالْعَشِيِّ وَالْإِبْكَارِ } .

الصبرُ في انتظار الموعود من الحقِّ على حسب الإيمان والتصديق ؛ فَمَنْ كان تصديقهُ ويقينُه أتمَّ وأقوى كان صبرُه أتم وأوفى .

{ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ } : وهو - سبحانه - يُعْطِي وإن توَهَّمَ العبدُ أنه يُبْطِي .

ويقال الصبر على قسمين : صبرٌ على العافية ، وصبرٌ على البلاء ، والصبرُ على العافية أشدُّ من الصبر على البلاء ، فصبرُ الرجال على العافية وهو أتمُّ الصبر .

{ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنبِكَ } . وفي هذا دليل على أنه كانت له ذنوب ، ولم يكن جميعُ استغفاره لأمته لأنه قال في موضع آخر : { وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ } [ محمد : 19 ] وهنا لم يذكر ذلك . ويمكن حَمْلُ الذَّنْبِ على ما كان قبل النبوة ؛ إذ يجوز أن يكون العبد قد تاب من الزَّلَّة ثم يجب عليه الاستغفار منها كلما ذكرها ، فإن تجديد التوبة يجب كما يجب أصلُ التوبة .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{فَٱصۡبِرۡ إِنَّ وَعۡدَ ٱللَّهِ حَقّٞ وَٱسۡتَغۡفِرۡ لِذَنۢبِكَ وَسَبِّحۡ بِحَمۡدِ رَبِّكَ بِٱلۡعَشِيِّ وَٱلۡإِبۡكَٰرِ} (55)

{ فَاصْبِرْ } يا أيها الرسول كما صبر من قبلك من أولي العزم المرسلين . { إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ } أي : ليس مشكوكًا فيه ، أو فيه ريب أو كذب ، حتى يعسر عليك الصبر ، وإنما هو الحق المحض ، والهدى الصرف ، الذي يصبر عليه الصابرون ، ويجتهد في التمسك به أهل البصائر .

فقوله : { إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ } من الأسباب التي تحث على الصبر على طاعة الله وعن ما يكره الله .

{ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ } المانع لك من تحصيل فوزك وسعادتك ، فأمره بالصبر الذي فيه يحصل المحبوب ، وبالاستغفار الذي فيه دفع المحذور ، وبالتسبيح بحمد الله تعالى خصوصًا { بِالْعَشِيِّ وَالْإِبْكَارِ } اللذين هما أفضل الأوقات ، وفيهما من الأوراد والوظائف الواجبة والمستحبة ما فيهما ، لأن في ذلك عونًا على جميع الأمور .