البحر المحيط لأبي حيان الأندلسي - أبو حيان  
{فَٱصۡبِرۡ إِنَّ وَعۡدَ ٱللَّهِ حَقّٞ وَٱسۡتَغۡفِرۡ لِذَنۢبِكَ وَسَبِّحۡ بِحَمۡدِ رَبِّكَ بِٱلۡعَشِيِّ وَٱلۡإِبۡكَٰرِ} (55)

ثم أمر تعالى نبيه بالصبر فقال : { فاصبر إن وعد الله حق } ، من قوله : { إنا لننصر رسلنا } ، فلا بد من نصرك على أعدائك .

وقال الكلبي : نسخ هذا بآية السيف .

{ واستغفر لذنبك } ، قال ابن عطية : يحتمل أن يكون قبل إعلام الله تعالى إياه أنه غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر ، لأن آية هذه السورة مكية ، وآية سورة الفتح مدنية متأخرة ، ويحتمل أن يكون الخطاب له في هذه الآية ، والمراد أنه إذا أمر هو بهذا فغيره أحرى بامتثاله .

وقال أبو عبد الله الرازي : محمول على التوبة من ترك الأفضل والأولى .

وقيل : المقصود منه محض تعبد ، كما في قوله تعالى : { ربنا وآتنا ما وعدتنا على رسلك } فإن إيتاء ذلك الشيء واجب ، ثم إنه أمرنا بطلبه .

وقيل : { لذنبك } : لذنب أمتك في حقك .

قيل : فأضاف المصدر للمفعول ، ثم أمره بتنزيهه تعالى في هذين الوقتين اللذين الناس مشتغلون فيهما بمصالحهم المهمة .

ويجوز أن يكون المراد سائر الأوقات ، وعبر بالظرفين عن ذلك .

وقال ابن عباس : أراد بذلك الصلوات الخمس .

وقال قتادة : صلاة الغداة ، وصلاة العصر .

وقال الحسن : ركعتان قبل أن تفرض الصلاة .

وعنه أيضاً : صلاة العصر ، وصلاة الصبح .