فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{فَٱصۡبِرۡ إِنَّ وَعۡدَ ٱللَّهِ حَقّٞ وَٱسۡتَغۡفِرۡ لِذَنۢبِكَ وَسَبِّحۡ بِحَمۡدِ رَبِّكَ بِٱلۡعَشِيِّ وَٱلۡإِبۡكَٰرِ} (55)

ثم أمر الله سبحانه رسوله صلى الله عليه وسلم بالصبر على الأذى فقال :

{ فَاصْبِرْ } أي اصبر على أذى المشركين كما صبر من قبلك من الرسل ، قال الكلبي : فنسخت آية القتال آية الصبر { إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ } الذي وعد رسله به { حَقٌّ } لا خلف فيه ، ولا شك في وقوعه ، كما في قوله { إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا } وقوله { وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنَا لِعِبَادِنَا الْمُرْسَلِينَ إِنَّهُمْ لَهُمُ الْمَنْصُورُونَ وَإِنَّ جُنْدَنَا لَهُمُ الْغَالِبُونَ } ثم أمره الله سبحانه بالاستغفار لذنبه فقال :

{ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ } قيل : المراد ذنب أمتك فهو على حذف مضاف وقيل المراد الصغائر عند من يجوزها على الأنبياء ، وقيل : هو مجرد تعبد له صلى الله عليه وسلم بالاستغفار لزيادة الثواب ، وقد غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر .

{ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ بِالْعَشِيِّ وَالْإِبْكَارِ } أي دم على تنزيه الله متلبسا بحمده وقيل المراد الصلوات الخمس ، والعشي هو من بعد الزوال ، وفيه أربع صلوات ، والأبكار من الفجر إلى الزوال ، وفيه صلاة واحدة .

وقيل : المراد صل في الوقتين صلاة العصر وصلاة الفجر ، قاله الحسن وقتادة ، وقيل هما صلاتان : ركعتان غدوة ، وركعتان عشية ، وذلك قبل أن تفرض الصلوات الخمس .