لطائف الإشارات للقشيري - القشيري  
{رَّبُّكُمۡ أَعۡلَمُ بِكُمۡۖ إِن يَشَأۡ يَرۡحَمۡكُمۡ أَوۡ إِن يَشَأۡ يُعَذِّبۡكُمۡۚ وَمَآ أَرۡسَلۡنَٰكَ عَلَيۡهِمۡ وَكِيلٗا} (54)

سَدَّ على كلِّ أحدٍ طريقَ معرفته بنفسه ليتعلَّق كُلُّ قلبه بربه . وجَعَلَ العواقبَ على أربابها مشتبهةً ، فقال { رَّبُّكُمْ أَعْلَمُ بِكُمْ } ثم قدَّمَ حديثَ الرحمةِ على حديث العذاب ، فقال : { إِن يَشَأْ يِرْحَمْكُمْ أَوْ إِن يَشَأْ يُعَذِّبْكُمْ } وفي ذلك تَرَجِّ للأمل أَنْ يَقْوى .

ويوصف العبدُ بالعلم ويوصف الربُّ بالعلم ، ولكن العبدَ يعلم ظاهرَ حاله ، وعِلْمُ الرب يكون بحاله وبمآله ، ولهذا فالواجب على العبد أن يقول : أنا مؤمن إن شاء الله تعالى ، وهذا معنى : { إِن يَشَأْ يِرْحَمْكُمْ أَوْ إِن يَشَأْ يُعَذِّبْكُمْ } بعد قوله : { أَعْلَمُ بِكُمْ } .