السراج المنير في تفسير القرآن الكريم للشربيني - الشربيني  
{رَّبُّكُمۡ أَعۡلَمُ بِكُمۡۖ إِن يَشَأۡ يَرۡحَمۡكُمۡ أَوۡ إِن يَشَأۡ يُعَذِّبۡكُمۡۚ وَمَآ أَرۡسَلۡنَٰكَ عَلَيۡهِمۡ وَكِيلٗا} (54)

ثم فسر تعالى التي هي أحسن مما علمهم ربهم من النصفة بقوله تعالى : { ربكم أعلم بكم } فعلم أنّ قوله تعالى : { إن الشيطان } إلى آخره جملة اعتراضية بين المفسر والمفسر وسكن أبو عمرو الميم وأخفاها عند الباء بخلاف عنه وكذا أعلم بمن ثم استأنف تعالى : { إن يشأ } أي : رحمتكم { يرحمكم } أي : بهدايتكم { أو إن يشأ } تعذيبكم { يعذبكم } أي : بإضلالكم فلا تحتقروا أيها المؤمنون المشركين فتقطعوا بأنهم من أهل النار فتعيروهم بذلك ، فإنه يجرّ إلى غيظ القلوب فلا فائدة لأنّ الخاتمة مجهولة ولا تتجاوزوا فيهم ما أمركم الله به من قول وفعل . ثم رقى الله الخطاب إلى أعلى الخلق ، ورأس أهل الشرع ليكون من دونه أولى بالمعنى منه فقال تعالى : { وما أرسلناك } أي : مع ما لنا من العظمة الغنية عن كل شيء { عليهم وكيلا } أي : حفيظاً وكفيلاً تقسرهم على ما يرضي الله ، وإنما أرسلناك على حسب ما نأمرك به بشيراً ونذيراً فدارهم ومر أصحابك بمداراتهم ، وقد مرّ أنّ هذا قبل الإذن بالقتال .