لطائف الإشارات للقشيري - القشيري  
{وَإِنَّ لَكُمۡ فِي ٱلۡأَنۡعَٰمِ لَعِبۡرَةٗۖ نُّسۡقِيكُم مِّمَّا فِي بُطُونِهَا وَلَكُمۡ فِيهَا مَنَٰفِعُ كَثِيرَةٞ وَمِنۡهَا تَأۡكُلُونَ} (21)

الإشارات منه أنَّ الكدوراتِ الهاجمةَ لا عِبْرَةَ بها ولا مبالاة ؛ فإنَّ اللَّبنَ الخالصَ السائغَ يخرجُ من أخلاف الأنعام من بين ما تنطوي حواياها عليه من الوحشة ، لكنه صافٍ لم يؤثر فيه منها بحُكم الجِوار ، وكذلك الصفاءُ يوجد أكثره من عين الكدورة ؛ إذ الحقيقة لا يتعلق بها حقٌّ ولا باطل . ومَنْ أشرفَ على سِرِّ التوحيد تحقَّقَ بأنَّ ظهور جميع الحدثان من التقدير ، فتسقط عنه كلفة التمييز ، فالأسرار عند ذلك تصفو ، والوقت لصاحبه لا يجفو .

{ وَلَكُمْ فِيهَا مَنَافِعُ } : لازمةٌ لكم ، ومتعدية منكم كلِّ متصلٍ بكم :

إنِّي - على جَفَواتِها - بربِّها *** وبكلِّ متَّصِل بها مُتَوَسِّلُ