السراج المنير في تفسير القرآن الكريم للشربيني - الشربيني  
{وَإِنَّ لَكُمۡ فِي ٱلۡأَنۡعَٰمِ لَعِبۡرَةٗۖ نُّسۡقِيكُم مِّمَّا فِي بُطُونِهَا وَلَكُمۡ فِيهَا مَنَٰفِعُ كَثِيرَةٞ وَمِنۡهَا تَأۡكُلُونَ} (21)

النوع الرابع من الدلائل : الاستدلال بأحوال الحيوانات ، وهو قوله تعالى :

{ وإن لكم في الأنعام } وهي الإبل والبقر والغنم { لعبرة } عظيمة تعتبرون بها وتستدلون بها على البعث وغيره { نسقيكم مما في بطونها } أي : اللبن نجعله لكم شراباً نافعاً للبدن موافقاً للشهوة تلتذون به من بين الفرث والدم { ولكم فيها } أي : جماعة الأنعام ، وقدم الجار تعظيماً لمنافعها حتى كأنّ غيرها عدم { منافع كثيرة } باستسلامها لما يراد منها مما لا يتيسر من أصغر منها وبأولادها وأصوافها وأوبارها وأشعارها وغير ذلك من آثارها { ومنها تأكلون } أي : وكما تنتفعون بها وهي حية تنتفعون بها بعد الذبح أيضاً بسهولة من غير امتناع مّا من شيء من ذلك ولو شاء لمنعها وسلطها عليكم ، ولو شاء لجعل لحمها لا ينضج أو جعله قذراً لا يؤكل ، ولكنه بقدرته وعلمه هيأها لما ذكر وذللها .