لطائف الإشارات للقشيري - القشيري  
{أَفَمَن شَرَحَ ٱللَّهُ صَدۡرَهُۥ لِلۡإِسۡلَٰمِ فَهُوَ عَلَىٰ نُورٖ مِّن رَّبِّهِۦۚ فَوَيۡلٞ لِّلۡقَٰسِيَةِ قُلُوبُهُم مِّن ذِكۡرِ ٱللَّهِۚ أُوْلَـٰٓئِكَ فِي ضَلَٰلٖ مُّبِينٍ} (22)

قوله جل ذكره : { أَفَمَنْ شَرَحَ اللَّهُ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ فَهُوَ عَلَى نُورٍ مِنْ رَبِّهِ فَوَيْلٌ لِلْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ أُولَئِكَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ } :

جوابُ هذا الخطابِ محذوفٌ . . . أي أَفمن شرح اللَّهُ صَدْرَه للإسلام كمن ليس كذلك ؟

لمَّا نزلت هذه الآيةُ سُئِلَ الرسولُ - صلى الله عليه وسلم - عن الشرح المذكور فيها ، فقال : " ذلك نورٌ يُقْذَفُ في القلب " فقيل : وهل لذلك أَمارة ؟ قال : " نعم ؛ التجافي عن دار الغرور والإنابة إلى دار الخلود ، والاستعداد للموت قبل نزوله " .

والنورُ الذي مِنْ قِبَلِهِ - سبحانه - نورُ اللّوائح بنجوم العلم ، ثم نورُ اللوامع ببيان الفَهْم ، ثم نورُ المحاضرة بزوائد اليقين ، ثم نورُ المكاشفة بتَجلي الصفات ، ثم نور المشاهدة بظهور الذات ، ثم أنوار الصمدية بحقائق التوحيد . . . وعند ذلك فلا وَجْدَ ولا فقد ، ولا قُرْب ولا بُعْدَ . . . كلاّ بل هو الله الواحد القهار .

{ فَوَيْلٌ لِّلْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُم مِّن ذِكِّرِ اللَّهِ أُوْلَئِكَ فِي ضَلاَلٍ مُّبِينٍ } : أي الصلبة قلوبهم ، لم تقرعها خواطرُ التعريف فبقيت عَلَى نَكْرَةِ الجَحْد . . . أُولئك في الضلالة الباقية ، والجهالة الدائمة .