لطائف الإشارات للقشيري - القشيري  
{سَأَصۡرِفُ عَنۡ ءَايَٰتِيَ ٱلَّذِينَ يَتَكَبَّرُونَ فِي ٱلۡأَرۡضِ بِغَيۡرِ ٱلۡحَقِّ وَإِن يَرَوۡاْ كُلَّ ءَايَةٖ لَّا يُؤۡمِنُواْ بِهَا وَإِن يَرَوۡاْ سَبِيلَ ٱلرُّشۡدِ لَا يَتَّخِذُوهُ سَبِيلٗا وَإِن يَرَوۡاْ سَبِيلَ ٱلۡغَيِّ يَتَّخِذُوهُ سَبِيلٗاۚ ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمۡ كَذَّبُواْ بِـَٔايَٰتِنَا وَكَانُواْ عَنۡهَا غَٰفِلِينَ} (146)

سأَحْرُمُ المتكبرين بركاتِ الاتباع حتى لا يقابلوا الآياتِ التي يُكاشَفُون بها بالقبول ، ولا يسمعوا ما يُخَاطَبُون به بسمع الإيمان .

والتكبُّر جحدُ الحق - على لسان العلم ، فَمَنْ جَحَدَ حقائقَ الحقِّ فجحودُه تكبُّره واعتراضُه على التقدير مما يتحقق جحودُه في القلب .

ويقال التكبُّر توهمُ استحقاقِ الحقِّ لك .

ويقال من رأى لنفسه قيمةً في الدنيا والآخرة فهو متكبِّر .

ويقال مَنْ ظَنَّ أَنَّ شيئاً منه أو له أو إليه - من النفي والإثبات - إلا على وجه الاكتساب فهو متكبِّر .

قوله جلّ ذكره : { وَإِن يَرَوْا سَبِيلَ الرُّشْدِ لاَ يَتَّخِذُوهُ سَبِيلاً وَإِن يَرَوْا سَبِيلَ الغَىِّ يَتَّخِذُوهُ سَبِيلاً ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَكَانُوا عَنْهَا غَافِلِينَ وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَلِقَاءِ الآخِرَةِ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ هَلْ يُجْزَوْنَ إِلاَّ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ }

تبيَّن بهذا أنه لا يكفي شهودُ الحقِّ حقاً وشهودُ الباطلِ باطلاً بل لا بُدَّ من شهود الحق من وجود التوفيق للحق ، ومنع شهود الباطل من وجود العصمة من اتباع الباطل .

ويقال إِنَّ الجاحِدَ للحقِّ - مع تحققه به - أقبحُ حالةً من الجاهل به المُقصِّرِ في تعريفه .