الهداية إلى بلوغ النهاية لمكي بن ابي طالب - مكي ابن أبي طالب  
{سَأَصۡرِفُ عَنۡ ءَايَٰتِيَ ٱلَّذِينَ يَتَكَبَّرُونَ فِي ٱلۡأَرۡضِ بِغَيۡرِ ٱلۡحَقِّ وَإِن يَرَوۡاْ كُلَّ ءَايَةٖ لَّا يُؤۡمِنُواْ بِهَا وَإِن يَرَوۡاْ سَبِيلَ ٱلرُّشۡدِ لَا يَتَّخِذُوهُ سَبِيلٗا وَإِن يَرَوۡاْ سَبِيلَ ٱلۡغَيِّ يَتَّخِذُوهُ سَبِيلٗاۚ ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمۡ كَذَّبُواْ بِـَٔايَٰتِنَا وَكَانُواْ عَنۡهَا غَٰفِلِينَ} (146)

وقوله : { سأصرف{[25282]}[ عن آياتي الذين يتكبرون في الارض ] }[ 146 ] ، [ الآية ]{[25283]} .

أي : أحرمهم فهم القرآن ، أي سأنزع منهم فهم الكتاب .

قاله سفيان{[25284]} بن عيينة{[25285]} .

وقال ابن جريج{[25286]} : سأصرفهم عن أن يتفكروا في خلق السماوات والأرض وما بينهما من الآيات ، وأن يعتبروا بها{[25287]} .

وقيل معناه : سأمنع قلوبهم من الفكرة في أمري{[25288]} .

وقال أبو{[25289]} إسحاق المعنى : سأجعل جزاءهم ، في الدنيا على كفرهم ، الإضلال عن هدايتي{[25290]} .

وقال الحسن المعنى : سأصرفهم عنها ، حتى{[25291]} لا يؤمنوا بها{[25292]} .

ومعنى { يتكبرون } أي : يحقرن الناس ، ويروا أن لهم فضلا عليهم ، ويتكبرون عن الإيمان القرآن والنبي{[25293]} ، ( صلى الله عليه وسلم ){[25294]} .

{ وإن يروا كل آية لا يومنوا بها }[ 146 ] .

أي : وإن يروا كل حجة بينة لا يصدقوا بها ، ويقولون : هي سحر وكذب{[25295]} .

{ وإن يروا سبيل الرشد لا يتخذوه سبيلا }[ 146 ] .

أي : وإن يروا طريق الهدى لا يتخذوه طريقا لأنفسهم{[25296]} .

{ وإن يروا سبيل الغي يتخذوه سبيلا }[ 146 ] .

أي{[25297]} : وإن{[25298]} ( يروا ) طريق الهلاك والعطب{[25299]} يتخذوه لأنفسهم{[25300]} .

ثم قال تعالى : { ذلك بأنهم كذبوا بآياتنا{[25301]} } آية [ 146 ] .

أي : فعلنا بهم أن{[25302]} صرفناهم عن آياتنا ، من أجل أنهم { كذبوا بآياتنا وكانوا عنها غافلين }[ 146 ] ، أي : لا يتفكرون فيها ، لاهين عنها{[25303]} .

و( الرُّشْدُ{[25304]} ) و( الرَّشْدُ{[25305]} ) : لغتان{[25306]} .

وحكي عن أبي عمرو [ بن العلاء{[25307]} ] أنه قال : ( الرُّشْدُ ) : الصلاح ، و( الرَّشَد ) في الدين{[25308]} .


[25282]:زيادة من ج.
[25283]:ما بين الهلالين ساقط من ج.
[25284]:هو: سفيان بن عيينة، أبو محمد الكوفي، ثم المكي، ثقة حافظ إمام حجة. روى له الستة. توفي سنة 198 هـ. انظر: تهذيب التهذيب 2/59، وما بعدها، وتقريب التهذيب 184.
[25285]:جامع البيان 13/112، وتفسير ابن أبي حاتم 5/1567، وتفسير الماوردي 2/261، وتفسير ابن كثير 2/257، وفيه: "قال ابن جرير: وهذا يدل على أن هذا خطاب لهذه الأمة. قلت: ليس هذا بلازم؛ لأن ابن عيينة إنما أراد أن هذا مطرد في حق كل أمة، ولا فرق بين أحد وأحد في هذا، والله أعلم"، والدر المنثور 3/562، وفتح القدير 2/282.
[25286]:في الأصل، و"ر": قال ابن جبير، وهو سبق قلم. وصوابه من ج، ومصادر التوثيق أسفله.
[25287]:التفسير 137، وجامع البيان 13/113، وتفسير البغوي 3/282، والدر المنثور 3/562، وفتح القدير 2/282.
[25288]:وهو قول الفريابي في تفسير ابن أبي حاتم 5/1567. والفريابي، بكسر الفاء وسكون الراء، هو: محمد بن يوسف الضبي مولاهم، ثقة فاضل. روى له الستة. توفي سنة 112هـ. انظر تقريب التهذيب 448.
[25289]:في الأصل، و "ر". وقال ابن إسحاق، وهو تحريف. وفي ج، أحسبها: وقال أبو إسحاق، وهو الصحيح إن شاء الله تعالى؛ لأن النص في معاني القرآن للزجاج.
[25290]:معاني القرآن للزجاج 2/376، بلفظ: "أي: أجعل جزاءهم الإضلال عن هداية آياتي". وساقه أبو حيان في البحر 4/388، منسوبا إلى الزجاج. وفي ج: عن هدايتي لهم.
[25291]:حتى، كأنها في ر: فلا.
[25292]:تفسير هود بن محكم الهواري 2/45.
[25293]:انظر: تفسير الماوردي 2/261، وزاد المسير 3/261، والبحر المحيط 4/388. وقال الزجاج في معاني القرآن "وهذه الصفة لا تكون إلا لله، جل ثناؤه، خاصة؛ لأن الله، تبارك وتعالى، هو الذي له القدرة والفضل الذي ليس مثله، وذلك يستحق أن يقال له: المتكبر، وليس لأحد أن يتكبر؛ لأن الناس في الحقوق سواء: فليس لأحد ما ليس لغيره، والله، جل ثناؤه المتكبر".
[25294]:ما بين الهلالين ساقط من ج.
[25295]:هنا إيجاز يوضح بما في جامع البيان 13/114، الذي نقل عنه مكي.
[25296]:المصدر نفسه، بإيجاز.
[25297]:من قوله: أي، إلى: يتخذوه، لحق في ج.
[25298]:في ج، فإن. ما بين الهلالين ساقط فيها.
[25299]:في الأصل: والعظف، وهو تحريف.
[25300]:جامع البيان 13/114، بتصرف.
[25301]:في ج، زيادة: {وكانوا عنها غافلين}. ومن قوله: أي فعلنا، إلى: بآياتنا ساقط منها.
[25302]:في الأصل أحسبها أن. وفي ر، طمست بفعل الرطوبة والأرضة.
[25303]:جامع البيان 13/115، بإيجاز.
[25304]:بضم الراء، وإسكان الشين، وهي قراءة ابن كثير ونافع، وعاصم وابن عامر، وأبي عمرو. التبصرة 207، والكشف عن وجوه القراءات السبع 1/476، وكتاب السبعة في القراءات 293، وجامع البيان 13/115، وإعراب القراءات السبع لابن خالويه 1/205، والحجة في القراءات لأبي زرعة 295، والتيسير للداني 93، وغيث النفع 229.
[25305]:بفتح الراء والشين، وهي قراءة حمزة والكسائي. المصادر السالفة فوقه.
[25306]:قال في الكشف 1/477: "وهما لغتان في الصلاح والدين". وكان الكسائي يقول: هما لغتان بمعنى واحد، مثل: "السُّقم" و"السَّقَم" ، "والحُزْن و الحَزَن"، وكذلك "الرُّشد" و "الرَّشَد". جامع البيان 13/116.
[25307]:زيادة من جامع البيان 13/115.
[25308]:قال في الكشف 1/477: "وقد قيل: إن من فتح الراء والشين أراد به: الدين؛ لأن قبله ذكر الغي، والدين ضد الغي،...، ومن ضم الراء أراد: الصلاح. كذا حكى أبو عمرو في الفتح والضم، والمعنيان متقاربان، لأن الدين: الصلاح، والصلاح هو: الدين". انظر: جامع البيان 13/115، وإعراب القرآن للنحاس 2/149، وإعراب القراءات السبع لابن خالويه 1/206.