لم يُطَهِّر قلوبَهم - في ابتداء أحوالهم - عن توهم الظنون ، ولم يتحققوا بخصائص القِدَمِ وشروط الحدوث ، فعثرت أقدام فكرهم في وهاد المغاليط لما سلكوا المسير .
ويقال إن أقواماً رضوا بالعِجْلِ . أن يكونَ معبودَهم متى تشم أسرارُهم نسيمَ التوحيد ؟ هيهات لا ! لا ولا مَنْ لاحظ جبريلَ وميكائيلَ والعرشَ أو الثَّرى ، أو الجِنَّ أو الورى . وإِنَّ مَنْ لَحِقَه ذلك أو وجد من قبيل ما يقبل نعوت الحدثان ، أو صحَّ في التجويز أن ترتقي إليه صواعد التقدير وشرائط الكيفية فغيرُ صالحٍ لاستحقاق الإلهية .
ويقال شتَّان بين أمة وأمة ! أمة خرج نبيهم عليه السلام من بينهم أربعين يوماً فعبدوا العِجْلَ ، وأمة خرج نبيُّهم - عليه السلام - من بينهم وأَتَى نيف وأربعمائة سنة فمن ذكر بين أيديهم أن الشموس والأقمار أو شيئاً من الرسوم والأطلال تستحق الإلهية أحرقوه بهممهم .
ويقال لا فصلَ بين الجسم والجسد ، فكما لا يصلح أن يكون المعبود جسماً لا يصلح أن يكون متصفاً بما في معناه ، ولا أن يكون له صوت فإن حقيقة الأصوات مُصَاكَّةُ الأجرام الصلبة ، والتوحيد الأزلي ينافي هذه الجملة .
ويقال أَجْهِلْ بقوم آمنوا بأن يكونَ مصنوعُهم معبودَهم ! ولولا قهر الربوبية وأنه تعالى يفعل ما يشاء - فأَيُّ عقلٍ يُقِرُّ مثل هذا التلبيس ؟ !
قوله جلّ ذكره : { أَلَمْ يَرَوْا أَنَّهُ لاَ يُكَلِّمُهُمْ وَلاَ يَهْدِيهِمْ سَبِيلاً اتَّخَذُوهُ وَكَانُوا ظَالِمِينَ } .
جعل من استحقاقه نعوت الإلهية صحة الخطاب وأن تكون منه الهداية ، وهذا يدل على استحقاق الحق بالنعوت بأن متكلِّمٌ في حقائق آزاله ، وأنه متفرِّد بهداية العبد لا هاديَ سواه . وفيه إشارة إلى مخاطبة الحق - سبحانه - وتكليمه مع العبد ، وإنَّ الملوكَ إذا جلَّتْ رتبتهم استنكفوا أن يخاطبوا أحداً بلسانهم حتى قال قائلهم :
وما عَجَبٌ تناسي ذِكْرِ عبدٍ *** على المولى إذا كَثُرَ العبيدُ
وبخلاف هذا أجرى الحقُّ - سنَّتَه مع عباده المؤمنين ، أما الأعداء فيقول لهم :
{ اخْسَئُوا فِيهَا وَلاَ تُكَلِّمُونِ }[ المؤمنون : 108 ] وأمَّا المؤمنون فقال صلى الله عليه وسلم : " ما منكم إلا يكلمه ربُّه ليس بينه وبينه ترجمان " ، وأنشدوا في معناه .
وما تزدهينا الكبرياءُ عليهمُ *** إذا كلَّمونا أن نكلمهم مَرَدَّا
قال تعالى :{ قُل لَّوْ كَانَ البَحْرُ مِدَادًا لِكَلِمَاتِ رَبِّى لَنَفِدَ البَحْرُ قَبْلَ أَن تَنفَدَ كَلِمَاتُ رَبِّى وَلَوْ جِئْنَا بِمِثْلِهِ مَدَدًا }[ الكهف : 109 ] .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.