في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{لَهُۥ مَقَالِيدُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِۖ يَبۡسُطُ ٱلرِّزۡقَ لِمَن يَشَآءُ وَيَقۡدِرُۚ إِنَّهُۥ بِكُلِّ شَيۡءٍ عَلِيمٞ} (12)

ثم إنه إذ يجعل حكمه فيما يختلفون فيه من شيء هو الحكم الواحد الفصل . يقيم هذا على حقيقة أن مقاليد السماوات والأرض كلها إليه بعد ما فطرها أول مرة ، وشرع لها ناموسها الذي يدبرها : ( له مقاليد السماوات والأرض ) . . وهم بعض ما في السماوات والأرض ، فمقاليدهم إليه .

ثم إنه هو الذي يتولى أمر رزقهم قبضاً وبسطاً - فيما يتولى من مقاليد السماوات والأرض - : ( يبسط الرزق لمن يشاء ويقدر ) . . فهو رازقهم وكافلهم ومطعمهم وساقيهم . فلمن غيره يتجهون إذن ليحكم بينهم فيما يختلفون فيه ? وإنما يتجه الناس إلى الرازق الكافل المتصرف في الأرزاق . الذي يدبر هذا كله بعلم وتقدير : ( إنه بكل شيء عليم ) . . والذي يعلم كل شيء هو الذي يحكم وحكمه العدل ، وحكمه الفصل . .

وهكذا تتساوق المعاني وتتناسق بهذه الدقة الخفية اللطيفة العجيبة ؛ لتوقع على القلب البشري دقة بعد دقة ، حتى يتكامل فيها لحن متناسق عميق .

 
روح المعاني في تفسير القرآن والسبع المثاني للآلوسي - الآلوسي [إخفاء]  
{لَهُۥ مَقَالِيدُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِۖ يَبۡسُطُ ٱلرِّزۡقَ لِمَن يَشَآءُ وَيَقۡدِرُۚ إِنَّهُۥ بِكُلِّ شَيۡءٍ عَلِيمٞ} (12)

{ يَبْسُطُ الرزق لِمَنْ يَشَاء وَيَقَدِرُ } .

وقرئ { يُقَدّرُ } بالتشديد { إِنَّهُ بِكُلّ شَىْء عَلِيمٌ } مبالغ في الإحاطة به فيفعل كل ما يفعل جل شأنه على ما ينبغي أن يفعل عليه ، والجملة تعليل لما قبلها وتمهيد لما بعدها من قوله تعالى : { شَرَعَ لَكُم مّنَ الدين مَا وصى بِهِ نُوحاً والذي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وموسى وعيسى } .

ومما قاله أرباب الإشارات في بعض الآيات : { لَّهُ مَقَالِيدُ السموات والأرض } [ الشورى : 12 ] أي مفاتيح سموات القلوب وفيها خزائن لطفه تعالى ورحمته عز وجل وأرض النفوس وفيها خزائن قهره سبحانه وعزته جل جلاله فكل قلب مخزن لنوع من ألطافه كالمعرفة والمحبة والشوق والتوحيد والهيبة والانس والرضا إلى غير ذلك ، وقد يجتمع في القلب خزائن وكل نفس مخزن لنوع من آثار قهره كالنكرة والجحود والإنكار والشرك والنفاق والحرص والكبر والبخل والشره وغير ذلك ، وقد يجتمع في النفس خزائن ، وفائدة الأخبار بأن له سبحانه مقاليد ذلك قطع أفكار العباد عمن سواه سبحانه في جلب ما يريدونه ودفع ما يكرهونه