في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{وَمَا نُرِيهِم مِّنۡ ءَايَةٍ إِلَّا هِيَ أَكۡبَرُ مِنۡ أُخۡتِهَاۖ وَأَخَذۡنَٰهُم بِٱلۡعَذَابِ لَعَلَّهُمۡ يَرۡجِعُونَ} (48)

26

يلي ذلك إشارة إلى ما أخذ الله به فرعون وملأه من الابتلاءات المفصلة في سور أخرى :

( وما نريهم من آية إلا هي أكبر من أختها ، وأخذناهم بالعذاب لعلهم يرجعون . وقالوا : يا أيها الساحر ادع لنا ربك بما عهد عندك إننا لمهتدون . فلما كشفنا عنهم العذاب إذا هم ينكثون ) . .

وهكذا لم تكن الآيات التي ظهرت على يدي موسى - عليه السلام - مدعاة إيمان ، وهي تأخذهم متتابعة . كل آية أكبر من أختها . مما يصدق قول الله تعالى في مواضع كثيرة ، وفحواه أن الخوارق لا تهدي قلباً لم يتأهل للهدى ؛ وأن الرسول لا يسمع الصم ولا يهدي العمي !

 
التفسير الشامل لأمير عبد العزيز - أمير عبد العزيز [إخفاء]  
{وَمَا نُرِيهِم مِّنۡ ءَايَةٍ إِلَّا هِيَ أَكۡبَرُ مِنۡ أُخۡتِهَاۖ وَأَخَذۡنَٰهُم بِٱلۡعَذَابِ لَعَلَّهُمۡ يَرۡجِعُونَ} (48)

قوله : { وما نريهم من آية إلا هي أكبر من أختها } أتتهم الآيات الخوارق من عند الله ، الواحدة تلو الأخرى . وما من آية معجزة بينة من هذه الآيات تأتيهم إلا كانت أعظم مما قبلها من المعجزات مع أن تلك المعجزات جميعا عظيمات ويشهدن بصدق نبوة موسى وأنه مرسل من ربه . لكن القوم ، وفي رأسهم الطاغوت الأثيم المتجبر فرعون ، موغلون في الغفلة والعناد والتمرد . وبذلك استحقوا من الله أن يأخذهم بعذاب من عنده بسبب تكذيبهم وعتوهم . ولقد كان ذلك .

وهو قوله سبحانه : { وأخذناهم بالعذاب لعلهم يرجعون } أنزل الله بهم عذابا ، جزاء كفرهم وظلمهم واستسخارهم بآيات الله ، فقد أخذهم بالسنين ونقص من الثمرات وبالجراد والقمل والضفادع والدم ، وهو ما بيناه سابقا { لعلّهم يرجعون } أي يتذكرون ويكفّون عن ظلمهم وتكذيبهم فيبادرون الإيمان والطاعة وحسن المتاب .

لقد بيّن الله ذلك لرسوله صلى الله عليه وسلم تأنيسا له وتسلية ، كيلا يحزن أو يبتئس من تكذيب قومه وصدّهم عن دين الله وعن سبيله المستقيم .