في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{لَّهُمۡ فِيهَا مَا يَشَآءُونَ خَٰلِدِينَۚ كَانَ عَلَىٰ رَبِّكَ وَعۡدٗا مَّسۡـُٔولٗا} (16)

وفي هذا الموقف المكروب الرعيب يعرض ما أعد للمتقين ، الذين يخشون ربهم ويرجون لقاءه ، ويؤمنون بالساعة . يعرض في أسلوب متهكم كذلك ساخر

قل : أذلك خير ? أم جنة الخلد التي وعد المتقون كانت لهم جزاءا ومصيرا ، لهم فيها ما يشاءون خالدين . كان على ربك وعدا مسؤولا ? .

أذلك الكرب الفظيع خير ? أم جنة الخلد التي وعدها الله المتقين ، وخولهم حق سؤاله عنها ، وطلب تحقيق وعده الذي لا يخلف ، ومنحهم أن يطلبوا فيها ما يشاءون ? وهل هناك وجه للموازنة ? ولكنها السخرية المريرة بالساخرين الذين يتطاولون على الرسول الكريم .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{لَّهُمۡ فِيهَا مَا يَشَآءُونَ خَٰلِدِينَۚ كَانَ عَلَىٰ رَبِّكَ وَعۡدٗا مَّسۡـُٔولٗا} (16)

جملة : { لهم فيها ما يشاؤون } ، حال من { جنة الخلد } أو صفة ثانية . وجملة : { كان على ربك وعداً مسئولاً } حال ثانية والرابط محذوف إذ التقدير : وعداً لهم .

والضمير المستتر في : { كان على ربك وعداً } عائد إما إلى الوعد المفهوم من قوله : { التي وعد المتقون } ، أي كان الوعد وعداً مسؤولاً وأخبر عن الوعد ب { وعداً } وهو عينه ليبنى عليه { مسئولاً } .

ويجوز أن يعود الضمير إلى { ما يشاءون } والإخبار عنه ب { وعداً } من الإخبار بالمصدر والمراد المفعول كالخلق بمعنى المخلوق .

ويتعلق : { على ربك } ب { وعداً } لتضمين { وعداً } معنى ( حقّاً ) لإفادة أنه { وعداً } لا يخلف كقوله تعالى { وعداً علينا إنا كنا فاعلين } [ الأنبياء : 104 ] .

والمسؤول : الذي يسأله مستحقه ويطالب به ، أي حقّاً للمتقين أن يترقبوا حصوله كأنه أجر لهم عن عمل . وهذا مسوق مساق المبالغة في تحقيق الوعد والكرم كما يشكرك شاكر على إحسان فتقول : ما أتيت إلا واجباً ، إذ لا يتبادر هنا غير هذا المعنى ، إذ لا معنى للوجوب على الله تعالى سوى أنه تفضل وتعهد به ، ولا يختلف في هذا أهل الملة وإنما اختلفوا في جواز إخلاف الوعد .