( الأخلاء يومئذ بعضهم لبعض عدو إلا المتقين ) . .
وإن عداء الأخلاء لينبع من معين ودادهم . . لقد كانوا في الحياة الدنيا يجتمعون على الشر ، ويملي بعضهم لبعض في الضلال . فاليوم يتلاومون . واليوم يلقي بعضهم على بعض تبعة الضلال وعاقبة الشر . واليوم ينقلبون إلى خصوم يتلاحون ، من حيث كانوا أخلاء يتناجون ! ( إلا المتقين ) . . فهؤلاء مودتهم باقية فقد كان اجتماعهم على الهدى ، وتناصحهم على الخير ، وعاقبتهم إلى النجاة . .
أحدهما : بيان بعض الأهوال التي أشار إليها إجمال التهديد في قوله : { فويل للذين ظلموا من عذاب يوم أليم } [ الزخرف : 65 ] .
وثانيهما : موعظة المشركين بما يحصل يوم القيامة من الأهوال لأمثالهم والحَبرة للمؤمنين . وقد أوثر بالذكر هنا من الأهوال ما له مزيد تناسب لحال المشركين في تألبهم على مناواة الرّسول صلى الله عليه وسلم ودين الإسلام ، فإنهم ما ألَّبَهم إلا تناصرهم وتوادّهم في الكفر والتباهي بذلك بينهم في نواديهم وأسمارهم ، قال تعالى حكاية عن إبراهيم : { وقال إنّما اتخذتم من دون الله أوثاناً مودةَ بينكم في الحياة الدنيا ثم يومَ القيامة يكفر بعضكم ببعض ويلعن بعضكم بعضاً } [ العنكبوت : 25 ] وتلك شنشنة أهل الشرك من قبل .
وفي معنى هذه الآية قوله المتقدم آنفاً { حتى إذا جَاآنا قال يا ليت بيني وبينك بعد المشرقين فبئس القرين } [ الزخرف : 38 ] .
و { الأخلاء } : جمع خليل ، وهو الصاحب الملازم ، قيل : إنه مشتق من التخلل لأنه كالمتخلّل لصاحبه والممتزج به ، وتقدم في قوله : { واتّخذ الله إبراهيم خليلاً } في سورة النساء ( 125 ) . والمضاف إليه ( إذْ ) من قوله : { يومئذٍ } هو المعوَّضُ عنه التنوين دلّ عليه المذكور قبله في قوله : { من عذاب يوم أليم } [ الزخرف : 65 ] .
والعدوّ : المبغض ، ووزنه فَعول بمعنى فاعل ، أي عَادٍ ، ولذلك استوى جريانه على الواحد وغيره ، وَالمُذكر وغيره ، وتقدم عند قوله تعالى : { فإن كان من قومٍ عدوّ لكم } في سورة النساء ( 92 ) .
وتعريف { الأخلاء } تعريف الجنس وهو مفيد استغراقاً عرفياً ، أي الأخلاّء من فريقي المشركين والمؤمنين أو الأخلاء من قريش المتحدّث عنهم ، وإلاّ فإن من الأخلاء غير المؤمنين من لا عداوة بينهم يومَ القيامة وهم الذين لم يستخدموا خلتهم في إغراء بعضهم بعضاً على الشرك والكفر والمعاصي وإن افترقوا في المنازل والدرجات يوم القيامة .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.