بل إنهم لأموات غير قابلين للحياة على الإطلاق . ومن ثم فهم لا يشعرون :
( أموات غير أحياء وما يشعرون أيان يبعثون ) . .
والإشارة هنا إلى البعث وموعده فيها تقرير أن الخالق لا بد أن يعلم موعد البعث . لأن البعث تكملة للخلق ، وعنده يستوفي الأحياء جزاءهم على ما قدموا . فالآلهة التي لا تعلم متى يبعث عبادها هي آلهة لا تستحق التأليه ، بل هي سخرية الساخرين . فالخالق يبعث مخاليقه ويعلم متى يبعثهم على التحقيق !
و { أموات } يراد به الذين يدعون من دون الله ورفع على خبر ابتداء مضمر تقديره هم أموات ، ويجوز أن يكون خبراً لقوله { والذين } بعد خبر في قوله { لا يخلقون } ووصفهم بالموت مجازاً . وإنما المراد لا حياة لهم ، فشبهوا بالموت ، وقوله { غير أحياء } أي لم يقبلوا حياة قط ، ولا اتصفوا بها .
قال القاضي أبو محمد : وعلى قراءة من قرأ «والذين يدعون » فالياء على غيبة الكفار ، يجوز أن يراد بالأموات الكفار الذين ضميرهم في «يدعون » ، شبههم بالأموات غير الأحياء من حيث هم ضلال غير مهتدين ، ويستقيم على هذا فيهم قوله { وما يشعرون أيان يبعثون } و «البعث » هنا هو الحشر من القبور ، و { أيان } ظرف زمان مبني ، وقرأ أبو عبد الرحمن السلمي «إيان » بكسر الهمزة ، والفتح فيها والكسر لغتان ، وقالت فرقة : { وما يشعرون } أي الكفار { أيان يبعثون } الضميران لهم ، وقالت فرقة : وما يشعر الأصنام أيان يبعث الكفار .
قال القاضي أبو محمد : ويحتمل أن يكون الضميران للأصنام ، ويكون البعث الإثارة ، كما تقول بعثت النائم من نومه إذا نبهته ، وكما تقول بعث الرامي سهمه ، فكأنه وصفهم بغاية الجمود أي وإن طلبت حركاتهم بالتحريك لم يشعروا لذلك .
قال القاضي أبو محمد : وعلى تأويل من يرى الضمير للكفار ينبغي أن يعتقد في الكلام الوعيد ، وما يشعر الكفار متى يبعثون إلى التعذيب ، ولو اختصر هذا المعنى لم يكن في وصفهم بأنهم لا يشعرون وأيان يبعثون طائل ، لأن الملائكة والأنبياء والصالحين كذلك هم في الجهل بوقت البعث ، وذكر بعض الناس أن قوله { أيان يبعثون } ظرف لقوله { إلهكم إله واحد } [ النحل : 22 ] وأن الكلام تم في قوله { وما يشعرون }{[7271]} ، ثم أخبر عن يوم القيامة أن الإله فيه واحد وهذا توعد .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.