تفسير القرآن الكريم لعبد الله شحاته - شحاته  
{أَمۡوَٰتٌ غَيۡرُ أَحۡيَآءٖۖ وَمَا يَشۡعُرُونَ أَيَّانَ يُبۡعَثُونَ} (21)

المفردات :

أيان يبعثون : أي : متى يبعثون .

{ أموات غير أحياء وما يشعرون أيان يبعثون } .

هذه الأصنام جمادات لا تحسب بشيء ، فهي أموات لا حياة فيها ، ولا تعتريها الحياة بوجه ، فلا تسمع ولا تبصر ولا تعقل .

وفائدة قوله : { غير أحياء } . بيان : أن بعض مالا حياة فيه ، قد تدركه الحياة بعد ؛ كالنطفة التي ينشئها الله علقة ثم مضغة ثم عظاما ، ثم يكسو العظام لحما ، ثم ينشئ النطفة خلقا آخر ، أي : إنسانا كامل الحواس فيه الروح والحياة ، أما هذه الأصنام من الحجارة فلا يعقب موتها حياة ، ذلك أتم في نقصها .

{ وما يشعرون أيان يبعثون } .

إن هذه الأصنام لا تعلم متى يبعث عبّادها ؛ حتى تساعدهم أو تنفعهم بعبادتهم ، ويحتمل أن يكون المعنى : وما تدري هذه الأصنام شيئا ، عن الوقت التي يبعثها فيه الله يوم القيامة ؛ لتكون وقودا للنار هي وعبّادها ، للتدليل على مهانتها وذلها .

قال تعالى : { إنكم وما تعبدون من دون الله حصب جهنم . . . } . ( الأنبياء : 98 ) .

قال الفخر الرازي :

فإن قيل : إن هذه الأصنام جمادات ، والجمادات لا توصف بأنها أموات ، ولا توصف بأنهم لا يشعرون .

والجواب :

إن القوم لما وصفوا تلك الأصنام بالألوهية وعبدوها ؛ قيل لهم : ليس الأمر كذلك ، بل هي أموات ولا تعرف شيئا ، فنزلت هذه العبارات على وفق معتقدهم .

ثم إن من يعبد الأصنام هو في نهاية الجهالة والضلالة ، والكلام مع الجاهل الغرّ الغبيّ ، قد يحسن فيه أن يعبّر عن المعنى الواحد بالعبارات الكثيرة ، وغرضه من ذلك الإعلام يكون ذلك المخاطب في غاية الغباوة ، وإنما يعيد تلك الكلمات ؛ لكون ذلك السامع في نهاية الجهالة ، وأنه لا يفهم المعنى المقصود بالعبارة الواحدة10 .