إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم لأبي السعود - أبو السعود  
{أَمۡوَٰتٌ غَيۡرُ أَحۡيَآءٖۖ وَمَا يَشۡعُرُونَ أَيَّانَ يُبۡعَثُونَ} (21)

ولِما أن إثباتَ المخلوقية لهم غيرُ مستدعٍ لنفي الحياة عنهم لِما أن بعض المخلوقين أحياءٌ صرح بذلك فقيل : { أَمْوَاتٌ غير أحياء وما يشعرون أيان يبعثون } . { أَمْوَاتٌ } وهو خبرٌ ثان للموصول لا للضمير كما قيل ، أو خبرُ مبتدأ محذوفٍ . وحيث كان بعضُ الأموات مما يعتريه الحياة سابقاً أو لاحقاً كأجساد الحيوان والنطفِ متى يُنشِئها الله تعالى حيواناً احتُرز عن ذلك فقيل : { غَيْرُ أَحْيَاء } أي لا يعتريها الحياة أصلاً فهي أمواتٌ على الإطلاق وأما قوله تعالى : { وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ } أي ما يشعر أولئك الآلهةُ أيان يُبعث عَبَدتُهم فعلى طريقة التهكمِ بهم لأن شعورَ الجماد بالأمور الظاهرة بديهيُّ الاستحالة عند كل أحد فكيف بما لا يعلمه إلا العليم الخبير ! وفيه إيذانٌ بأن البعث من لوازم التكليفِ وأن معرفةَ وقته مما لا بد منه في الألوهية .