فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{أَمۡوَٰتٌ غَيۡرُ أَحۡيَآءٖۖ وَمَا يَشۡعُرُونَ أَيَّانَ يُبۡعَثُونَ} (21)

ثم ذكر صفة أخرى من صفاتهم فقال : { أموات غَيْر أَحْيَاء } يعني : أن هذه الأصنام أجسادها ميتة ، لا حياة بها أصلاً ، فزيادة { غير أحياء } لبيان أنها ليست كبعض الأجساد التي تموت بعد ثبوت الحياة لها ، بل لا حياة لهذه أصلاً ، فكيف يعبدونها وهم أفضل منها ؟ لأنهم أحياء { وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ } الضمير في { يشعرون } للآلهة ، وفي يبعثون للكفار الذين يعبدون الأصنام ، والمعنى : ما تشعر هذه الجمادات من الأصنام أيان يبعث عبدتهم من الكفار ، ويكون هذا على طريقة التهكم بهم ، لأن شعور الجماد مستحيل بما هو من الأمور الظاهرة فضلاً عن الأمور التي لا يعلمها إلاّ الله سبحانه ، وقيل : يجوز أن يكون الضمير في { يبعثون } للآلهة ، أي : وما تشعر هذه لأصنام أيان تبعث ، ويؤيد ذلك ما روي أن الله يبعث الأصنام ويخلق لها أرواحاً معها شياطينها فيؤمر بالكل إلى النار ، ويدل على هذا قوله : { إِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ الله حَصَبُ جَهَنَّمَ } [ الأنبياء : 98 ] . وقيل : قد تمّ الكلام عند قوله : { وَهُمْ يُخْلَقُونَ } ثم ابتدأ فوصف المشركين بأنهم أموات غير أحياء وما يشعرون أيان يبعثون ، فيكون الضميران على هذا للكفار ، وعلى القول بأن الضميرين أو أحدهما للأصنام يكون التعبير عنها مع كونها لا تعقل بما هو للعقلاء جرياً على اعتقاد من يعبدها بأنها تعقل . وقرأ السلمي «إيان » بكسر الهمزة ، وهما لغتان ، وهو في محل نصب بالفعل الذي قبله .

/خ26