في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{أَفَمَن يَتَّقِي بِوَجۡهِهِۦ سُوٓءَ ٱلۡعَذَابِ يَوۡمَ ٱلۡقِيَٰمَةِۚ وَقِيلَ لِلظَّـٰلِمِينَ ذُوقُواْ مَا كُنتُمۡ تَكۡسِبُونَ} (24)

21

ثم يعرض ما ينتظر أهل الضلال يوم القيامة في مشهد بائس في موعد حصاد الأعمال !

( أفمن يتقي بوجهه سوء العذاب يوم القيامة ? وقيل للظالمين : ذوقوا ما كنتم تكسبون ) . .

والإنسان يقي وجهه عادة بيديه وجسمه . فأما هنا فهو لا يملك أن يدفع عن نفسه النار بيديه ولا برجليه ، فيدفعها بوجهه ، ويتقي به سوء العذاب . مما يدل على الهول والشدة والاضطراب . وفي زحمة هذا العذاب يتلقى التأنيب ، وتدفع إليه حصيلة حياته ويا لها من حصيلة : ( وقيل للظالمين : ذوقوا ما كنتم تكسبون ) !

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{أَفَمَن يَتَّقِي بِوَجۡهِهِۦ سُوٓءَ ٱلۡعَذَابِ يَوۡمَ ٱلۡقِيَٰمَةِۚ وَقِيلَ لِلظَّـٰلِمِينَ ذُوقُواْ مَا كُنتُمۡ تَكۡسِبُونَ} (24)

هذا تقرير بمعنى التعجيب ، والمعنى : { أفمن يتقي بوجهه سوء العذاب } المنعمين في الجنة .

واختلف المتأولون في قوله : { يتقي بوجهه } فقال مجاهد : يخر على وجهه في النار . وقالت فرقة : ذلك لما روي أن الكافر يلقى في النار مكتوفاً مربوطة يداه إلى رجليه مع عنقه ويكب على وجهه ، فليس له شيء يتقي به إلا الوجه . وقالت فرقة : المعنى صفة كثرة ما ينالهم من العذاب ، وذلك أنه يتقيه بجميع جوارحه ولا يزال العذاب يتزيد حتى يتقيه بوجهه الذي هو أشرف جوارحه وفي حواسه ، فإذ بلغ به العذاب إلى هذه الغاية ظهر أنه لا متجاوز بعدها .

قال القاضي أبو محمد : وهذا المعنى عندي أبين بلاغة ، وفي هذا المضمار يجري قول الشاعر : [ الكامل ]

يلقى السيوف بوجهه وبنحره*** ويقيم هامته مقام المغفر

لأنه إنما أراد عظيم جرأته عليها فهو يلقاها بكل محن وبكل شيء منه حتى بوجهه وبنحره .

وقوله تعالى : { ذوقوا } عبارة عن باشروا ، وهنا محذوف تقديره : جزاء { ما كنتم تكسبون } ، ثم مثل لقريش بالأمم السالفة .