إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم لأبي السعود - أبو السعود  
{أَفَمَن يَتَّقِي بِوَجۡهِهِۦ سُوٓءَ ٱلۡعَذَابِ يَوۡمَ ٱلۡقِيَٰمَةِۚ وَقِيلَ لِلظَّـٰلِمِينَ ذُوقُواْ مَا كُنتُمۡ تَكۡسِبُونَ} (24)

{ أَفَمَن يَتَّقِي بِوَجْهِهِ } الخ استئنافٌ جارٍ مجرى التَّعليقِ لما قبلَه من تباينِ حالَيْ المُهتدي والضَّالَّ . والكلامُ في الهمزةِ والفاءِ وحذفِ الخبرِ كالذي مرَّ في نظيريهِ . والتَّقديرُ أكلُّ النَّاسِ سواءٌ فمَن شأنُه أنَّه يقِي نفسَه بوجههِ الذي هو أشرفُ أعضائِه { سُوء العذاب } أي العذابَ السَّيئِ الشَّديدَ { يَوْم القيامة } لكون يدهِ التي بها كان يتَّقي المكارَه والمخاوفَ مغلولةً إلى عنقه كمن هو آمن لا يعتريه مكروه ولا يحتاج إلى الاتّقاء بوجهٍ من الوجوهِ . وقيل نزلتْ في أبي جهلٍ { وَقِيلَ لِلظَّالِمِينَ } عطفٌ على يتَّقي أي ويقالُ لهم من جهةِ خَزَنةِ النَّارِ . وصيغةُ الماضِي للدِّلالةِ على التَّحقُّقِ والتَّقررِ وقيل : هو حالٌ من ضميرِ يتَّقي بإضمارِ قَدْ ، ووضع المُظهر في مقام المُضمرِ للتَّسجيلِ عليهم بالظُّلم والإشعار بعلَّةِ الأمرِ في قوله تعالى { ذُوقُواْ مَا كُنتُمْ تَكْسِبُونَ } أي وبالَ ما كنتُم تكسبونَه في الدُّنيا على الدَّوامِ من الكفرِ والمعاصي .