( وَلِلَّهِ يَسْجُدُ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ مِنْ دَابَّةٍ وَالْمَلائِكَةُ وَهُمْ لا يَسْتَكْبِرُونَ )
ويرسم المخلوقات داخرة أي خاضعة خاشعة طائعة . ويضم إليها ما في السماوات وما في الأرض مندابة . ويضيف إلى الحشد الكوني . . الملائكة فإذا مشهد عجيب من الأشياء والظلال والدواب . ومعهم الملائكة . في مقام خشوع وخضوع وعبادة وسجود .
{ ولله يسجد ما في السماوات وما في الأرض } أي ينقاد انقيادا يعم الانقياد لإرادته وتأثيره طبعا والانقياد لتكليفه وأمره طوعا ليصح إسناده إلى عامة أهل السماوات والأرض وقوله : { من دابة } بيان لهما لأن الدبيب هو الحركة الجسمانية سواء كانت في أرض أو سماء . { والملائكة } عطف على المبين به عطف جبريل على الملائكة للعظيم ، أو عطف المجردات على الجسمانيات ، وبه احتج من نقال إن الملائكة أرواح مجردة أو بيان لما في الأرض والملائكة تكرير لما في السماوات وتعيين له إجلالا وتعظيما ، أو المراد بها ملائكتها من الحفظة وغيرهم ، وما لما استعمل للعقلاء كما استعمل لغيرهم كان استعماله حيث اجتمع القبيلان أولى من إطلاق من تغليبا للعقلاء . { وهم لا يستكبرون } عن عبادته .
وقعت { ما } في هذه الآية لما يعقل ، قال الزجاج : قوله { ما في السماوات } يعم ملائكة السماء وما في السحاب وما في الجو من حيوان ، وقوله { وما في الأرض من دابة } بين ، ثم ذكر ملائكة الأرض في قوله { والملائكة } ويحتمل أن يكون قوله : { والملائكة } هو الذي يعم «السماوات والأرض » ، وما قبل ذلك لا يدخل فيه ملك ، إنما هو للحيوان أجمع .
لما ذُكر في الآية السابقة السجود القسري ذُكر بعده هنا سجود آخر بعضه اختيار وفي بعضه شبه اختيار .
وتقديم المجرور على فعله مؤذن بالحصْر ، أي سجد لله لا لغيره ما في السماوات وما في الأرض ، وهو تعريض بالمشركين إذ يسجدون للأصنام .
وأوثرت { ما } الموصولة دون ( من ) تغليباً لكثرة غير العقلاء .
و { من دابة } بيان ل { ما في الأرض } ، إذ الدابة ما يدبّ على الأرض غير الإنسان .
ومعنى سجود الدواب لله أن الله جعل في تفكيرها الإلهامي التذاذها بوجودها وبما هي فيه من المرح والأكل والشرب ، وتطلب الدفع عن نفسها من المتغلّب ومن العوارض بالمدافعة أو بالتوقّي ، ونحو ذلك من الملائمات . فحالها بذلك كحال شاكر تتيسر تلك الملائمات لها ، وإنما تيسيرها لها ممن فطرها . وقد تصحب أحوال تنعّمها حركاتٌ تشبه إيماء الشاكر المقارب للسجود ، ولعلّ من حركاتها ما لا يشعر به الناس لخفائه وجهلهم بأوقاته ، وإطلاقُ السجود على هذا مجاز .
ويشمل { ما في السموات } مخلوقاتتٍ غير الملائكة ، مثل الأرواح ، أو يراد بالسماوات الأجواء فيراد بما فيها الطيُور والفراش .
وفي ذكر أشرف المخلوقات وأقلّها تعريض بذمّ من نزل من البشر عن مرتبة الدواب في كفران الخالق ، وبمدح من شابَه من البشر حال الملائكة .
وفي جعل الدوابّ والملائكة معمولين ل { يسجد } استعمال للفظ في حقيقته ومجازه .
ووصف الملائكة بأنهم { لا يستكبرون } تعريض ببعد المشركين عن أوج تلك المرتبة الملكية . والجملة حال من { الملائكة } .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.