فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{وَلِلَّهِۤ يَسۡجُدُۤ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَا فِي ٱلۡأَرۡضِ مِن دَآبَّةٖ وَٱلۡمَلَـٰٓئِكَةُ وَهُمۡ لَا يَسۡتَكۡبِرُونَ} (49)

{ وَلِلَّهِ يَسْجُدُ مَا فِي السماوات وَمَا فِي الأرض مَن دَابَّةٍ } أي : له وحده يخضع وينقاد ، لا لغيره ما في السماوات جميعاً ، { وما في الأرض من دابة } تدبّ على الأرض . والمراد به كل دابة . قال الأخفش : هو كقولك ما أتاني من رجل مثله ، وما أتاني من الرجال مثله . وقد دخل في عموم ما في السماوات وما في الأرض جميع الأشياء الموجودة فيهما ، وإنما خصّ الدابة بالذكر ، لأنه قد علم من قوله : { أَوَلَمْ يَرَوْا إلى مَا خَلَقَ الله مِن شَيء } انقياد الجمادات ، وعطف الملائكة على ما قبلهم ، تشريفاً لهم ، وتعظيماً لدخولهم في المعطوف عليه { وَهُمْ لاَ يَسْتَكْبِرُونَ } أي : والحال أنهم لا يستكبرون عن عبادة ربهم ، والمراد : الملائكة . ويحتمل أن تكون الجملة مستأنفة . وفي هذا رد على قريش حيث زعموا أن الملائكة بنات الله . ويجوز أن تكون حالاً من فاعل { يسجد } ، و«ما » عطف عليه ، أي : يسجد لله ما في السماوات وما في الأرض ، والملائكة ، وهم جميعاً لا يستكبرون عن السجود .

/خ50