في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{يَـٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ كُلُواْ مِن طَيِّبَٰتِ مَا رَزَقۡنَٰكُمۡ وَٱشۡكُرُواْ لِلَّهِ إِن كُنتُمۡ إِيَّاهُ تَعۡبُدُونَ} (172)

158

وهنا يتجه بالحديث - خاصة - إلى الذين آمنوا . يبيح لهم الأكل من طيبات ما رزقهم . ويوجههم إلى شكر المنعم على نعمه . ويبين لهم ما حرم عليهم ، وهو غير الطيبات التي أباحها لهم . ويندد بالذين يجادلونهم في هذه الطيبات والمحرمات من اليهود . وهي عندهم في كتابهم :

( يا أيها الذين آمنوا كلوا من طيبات ما رزقناكم ، واشكروا لله إن كنتم إياه تعبدون . إنما حرم عليكم الميتة والدم ولحم الخنزير وما أهل به لغير الله . فمن اضطر غير باغ ولا عاد فلا إثم عليه . إن الله غفور رحيم . إن الذين يكتمون ما أنزل الله من الكتاب ويشترون به ثمنا قليلا ، أولئك ما يأكلون في بطونهم إلا النار ، ولا يكلمهم الله يوم القيامة ولا يزكيهم ، ولهم عذاب أليم . أولئك الذين اشتروا الضلالة بالهدى والعذاب بالمغفرة فما أصبرهم على النار ! ذلك بأن الله نزل الكتاب بالحق ، وإن الذين اختلفوا في الكتاب لفي شقاق بعيد ) . .

إن الله ينادي الذين آمنوا بالصفة التي تربطهم به سبحانه ، وتوحي إليهم أن يتلقوا منه الشرائع ؛ وأن يأخذوا عنه الحلال والحرام . ويذكرهم بما رزقهم فهو وحده الرازق ، ويبيح لهم الطيبات مما رزقهم ؛ فيشعرهم أنه لم يمنع عنهم طيبا من الطيبات ، وأنه إذا حرم عليهم شيئا فلأنه غير طيب ، لا لأنه يريد أن يحرمهم ويضيق عليهم - وهو الذي أفاض عليهم الرزق ابتداء - ويوجههم للشكر إن كانوا يريدون أن يعبدوه وحده بلا شريك . فيوحي إليهم بأن الشكر عبادة وطاعة يرضاها الله من العباد . . كل أولئك في آية واحدة قليلة الكلمات :

( يا أيها الذين آمنوا كلوا من طيبات ما رزقناكم واشكروا لله إن كنتم إياه تعبدون )

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{يَـٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ كُلُواْ مِن طَيِّبَٰتِ مَا رَزَقۡنَٰكُمۡ وَٱشۡكُرُواْ لِلَّهِ إِن كُنتُمۡ إِيَّاهُ تَعۡبُدُونَ} (172)

{ يا أيها الذين آمنوا كلوا من طيبات ما رزقناكم } لما وسع الأمر على الناس كافة وأباح لهم ما في الأرض سوء ما حرم عليهم ، أمر المؤمنين منهم أن يتحروا طيبات ما رزقوا ويقوموا بحقوقها فقال : { واشكروا لله } على ما رزقكم وأحل لكم . { إن كنتم إياه تعبدون } إن صح أنكم تخصونه بالعبادة ، وتقرون أنه مولى النعم ، فإن عبادته تعالى لا تتم إلا بالشكر . فالمعلق بفعل العبادة هو الأمر بالشكر لإتمامه ، وهو عدم عند عدمه . وعن النبي صلى الله عليه وسلم " يقول الله تعالى : إني والإنس والجن في نبأ عظيم ، أخلق ويعبد غيري ، وأرزق ويشكر غيري " .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{يَـٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ كُلُواْ مِن طَيِّبَٰتِ مَا رَزَقۡنَٰكُمۡ وَٱشۡكُرُواْ لِلَّهِ إِن كُنتُمۡ إِيَّاهُ تَعۡبُدُونَ} (172)

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَاشْكُرُوا لِلَّهِ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ ( 172 )

الطيب هنا يجمع الحلال المستلذ ، والآية تشير بتبعيض { من } إلى الحرام رزق( {[1553]} ) ، وحض تعالى على الشكر والمعنى في كل حالة ، و { إن } شرط ، والمراد بهذا الشرط التثبيت وهز النفس ، كما تقول افعل كذا إن كنت رجلاً .


[1553]:- وهو مذهب أهل السنة كما قال ابن السبكي في جمع الجوامع: والرزق ما ينتفع به ولو كان حراما. والذين يقولون إن الحرام ليس رزقا يجعلون المعنى في الآية: كلوا من مستلذات ما رزقناكم، ويكون الأمر بذلك دفعا لما يتوهم من أن التنوع في المآكل والتفنّن في الطيّبات ممنوع – فكان تخصيص الطيبات بالذكر لهذا المعنى عندهم.