ثم تجيء قصة الرجلين والجنتين تضرب مثلا للقيم الزائلة والقيم الباقية ، وترسم نموذجين واضحين للنفس المعتزة بزينة الحياة ، والنفس المعتزة بالله . وكلاهما نموذج إنساني لطائفة من الناس : صاحب الجنتين نموذج للرجل الثري ، تذهله الثروة ، وتبطره النعمة ، فينسى القوة الكبرى التي تسيطر على أقدار الناس والحياة . ويحسب هذه النعمة خالدة لا تفنى ، فلن تخذله القوة ولا الجاه . وصاحبه نموذج للرجل المؤمن المعتز بإيمانه ، الذاكر لربه ، يرى النعمة دليلا على المنعم ، موجبة لحمده وذكره ، لا لجحوده وكفره . وتبدأ القصة بمشهد الجنتين في ازدهار وفخامة :
( واضرب لهم مثلا رجلين جعلنا لأحدهما جنتين من أعناب ، وحففناهما بنخل ، وجعلنا بينهما زرعا . كلتا الجنتين آتت أكلها ولم تظلم منه شيئا ، وفجرنا خلالهما نهرا . وكان له ثمر ) . .
فهما جنتان مثمرتان من الكروم ، محفوفتان بسياج من النخيل ، تتوسطهما الزروع ، ويتفجر بينهما نهر . . إنه المنظر البهيج والحيوية الدافقة والمتاع والمال :
{ واضرب لهم مثلا } للكافر والمؤمن . { رجلين } حال رجلين مقدرين أو موجودين هما أخوان من بني إسرائيل كافر اسمه قطروس ومؤمن اسمه يهوذا ، ورثا من أبيهما ثمانية آلاف دينار فتشاطرا ، فاشترى الكافر بها ضياعا وعقارا وصرفها المؤمن في وجوه الخير ، وآل أمرهما إلى ما حكاه الله تعالى . وقيل الممثل بهما أخوان من بني مخزوم كافر وهو الأسود بن عبد الأشد ومؤمن وهو أبو سلمة عبد الله زوج أم سلمة قبل رسول الله صلى الله عليه وسلم { جعلنا لأحدهما جنّتين } بستانين . { من أعناب } من كروم والجملة بتمامها بيان للتمثيل أو صفة للرجلين . { وحففناهما بنخل } وجعلنا النخل محيطة بهما مؤزراً بها كرومهما ، يقال حفه القوم إذا أطافوا به وحففته بهم إذا جعلتهم حافين حوله فتزيده الباء مفعولا ثانيا كقولك : غشيته به . { وجعلنا بينهما } وسطهما . { زرعا } ليكون كل منهما جامعا للأقوات والفواكه متواصل العمارة على الشكل الحسن والترتيب الأنيق .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.