بحر العلوم لعلي بن يحيى السمرقندي - السمرقندي  
{۞وَٱضۡرِبۡ لَهُم مَّثَلٗا رَّجُلَيۡنِ جَعَلۡنَا لِأَحَدِهِمَا جَنَّتَيۡنِ مِنۡ أَعۡنَٰبٖ وَحَفَفۡنَٰهُمَا بِنَخۡلٖ وَجَعَلۡنَا بَيۡنَهُمَا زَرۡعٗا} (32)

{ واضرب لهُمْ مَّثَلاً رَّجُلَيْنِ } أي صف لأَهل مكة صفة رجلين أخوين من بني مخزوم ، أحدهما مؤمن واسمه أبو مسلمة بن عبد الأسد ، والآخر كافر ويقال له أسود بن عبد الأسد ؛ وهما من هذه الأمة . وآخرين أيضاً من بني إسرائيل مؤمن وكافر ، فالمؤمن اسمه تمليخا ، ويقال يهوذا ، والكافر اسمه أبو قطروس . هكذا روي عن ابن عباس ؛ ويقال : هذا المثل لجميع من آمن بالله وجميع من كفر به ؛ وروي عن ابن مسعود أنه قال : كانا مشركين من بني إسرائيل : أَحدهما مؤمن والآخر كافر ، فاقتسما فأصاب كل واحد منهما أربعين ألف درهم ؛ وروي عن ابن عباس أنه قال : كانا أَخوين ورث كل واحد منهما من أبيه أربعة آلاف دينار ، فالكافر أنفق ماله في زينة الدنيا ، نحو شراء المنازل والخدم والحيوان ؛ وأنفق المؤمن ماله في طاعة الله تعالى ، وتصدق على الفقراء والمساكين .

وذلك قوله تعالى : { جَعَلْنَا لاِحَدِهِمَا جَنَّتَيْنِ مِنْ أعناب } ، أي بساتين . قال السدي : كان بستاناً واحداً عليه جرار واحد ، وكان في وسطه نهر ؛ فلذلك قال : جنتين لمكان النهر الذي بينهما ، وسماه جنة للمكان الدائر الذي عليه . { وَحَفَفْنَاهُمَا بِنَخْلٍ } ، يعني : الجنتين . ثم قال { وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمَا زَرْعًا } ، أي مزرعاً يقال : كان حول البستان نخيل وأشجار ، وداخل الأشجار كروم ، وداخل الكروم موضع الزرع والرطاب ونحو ذلك .