تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{۞وَٱضۡرِبۡ لَهُم مَّثَلٗا رَّجُلَيۡنِ جَعَلۡنَا لِأَحَدِهِمَا جَنَّتَيۡنِ مِنۡ أَعۡنَٰبٖ وَحَفَفۡنَٰهُمَا بِنَخۡلٖ وَجَعَلۡنَا بَيۡنَهُمَا زَرۡعٗا} (32)

الآية32 : وقوله تعالى : { واضرب لهم مثلا رجلين جعلنا لأحدهما جنتين من أعناب } إلى آخر ما ذكر أن يكون هذا المثل ، كان في الأمم المتقدمة وكتبهم .

سئل رسول الله عن ذلك ليُعْلَمَ ، وليتبين لهم صدقُه بأنه رسول الله صلى الله عليه وسلم على ما يدعو{[11573]} على ما سئل هو عن قصة ذي القرنين ونبئه وأنباء أصحاب الكهف وأخبارهم ليتبين لهم صدقه ، إذ علموا أن تلك الأنباء والقصص لا تعلم ، ولا يعرفها إلا من علم كتاب الله ، إذ كان ذلك في كتب الله ، وهو لم يعرف تلك الكتب لأنها كانت بغير لسانه ، ولم ( ير أنه ){[11574]} اختلف إلى من يعرفها ليتعلم منه .

ثم أنبأهم على ما كان في كتبهم . فدل ذلك أنه{[11575]} إنما عرف بالله وأنه صادق في ما يدعو{[11576]} من الرسالة .

على هذا يجوز أن يقال ، والله أعلم ، فيكون في ذلك آية لرسالته ونبوته . أو أن يكون قوله : { واضرب لهم مثلا رجلين } إلى آخره أي اضرب للمعتبرين والمتوسمين مثل رجلين ، هذا سبيلهما ؛ يرغب أحدهما في الدنيا وزينتها ، ويطلبها ، لا يرى غيرها . والآخر يرغب في الزهد فيها وترك الطلب لها ، ويرغب{[11577]} في الآخرة .

فإن كان على هذا أو ما ذكرنا من ضرب مثله ومثل أولئك فهو على الابتداء ، فيُخَرَّجُ على الاعتبار والتفكر في ما ذكر تنبيها وإيقاظا . وإن كان على السؤال عما كان فهو ليس على الاعتبار ، ولكن على الإنباء أنه رسول الله صلى الله عليه وسلم ففيه آية لرسالته ونبوته .

ثم قوله : { واضرب لهم مثلا رجلين جعلنا لأحدهما جنتين من أعناب وحففناهما بنخل وجعلنا بينهما زرعا } أي بين الجنتين .


[11573]:في الأصل و.م: يدعى.
[11574]:في الأصل و.م: يروه.
[11575]:ساقطة من و.م.
[11576]:في الأصل و.م: والرغبة.
[11577]:في الأصل و.م: والرغبة.