مدارك التنزيل وحقائق التأويل للنسفي - النسفي  
{۞وَٱضۡرِبۡ لَهُم مَّثَلٗا رَّجُلَيۡنِ جَعَلۡنَا لِأَحَدِهِمَا جَنَّتَيۡنِ مِنۡ أَعۡنَٰبٖ وَحَفَفۡنَٰهُمَا بِنَخۡلٖ وَجَعَلۡنَا بَيۡنَهُمَا زَرۡعٗا} (32)

{ واضرب لهُمْ مَّثَلاً رَّجُلَيْنِ } ومثل حال الكافرين والمؤمنين بحال رجلين وكانا أخوين في بني إسرائيل ، أحدهما كافر اسمه قطروس ، والآخر مؤمن اسمه يهوذا . وقيل : هما المذكوران في«والصافات » في قوله : { قال قائل منهم إني كان لي قرين } [ الصافات : 51 ] ورثاً من أبيهما ثمانية آلاف دينار فجعلاها شطرين ، فاشترى الكافر أرضاً بألف دينار فقال المؤمن : اللهم إن أخي اشترى أرضاً بألف دينار وأنا أشتري منك أرضاً في الجنة بألف فتصدق به ، ثم بنى أخوه داراً بألف فقال : اللهم إني أشتري منك داراً في الجنة بألف فتصدق به ، ثم تزوج أخوه امرأة بألف فقال : اللهم إني جعلت ألفاً صداقاً للحور ، ثم اشترى أخوه خدماً ومتاعاً بألف دينار فقال : اللهم إني اشتريت منك الولدان المخلدين بألف فتصدق ، به ثم أصابته حاجة فجلس لأخيه على طريقه فمر به في حشمه فتعرض له فطرده ووبخه على التصدق بماله { جَعَلْنَا لأَِحَدِهِمَا جَنَّتَيْنِ مِنْ أعناب } بساتين من كروم { وَحَفَفْنَاهُمَا بِنَخْلٍ } وجعلنا النخل محيطاً بالجنتين وهذا مما يؤثره الدهاقين في كرومهم أن يجعلوها مؤزرة بالأشجار المثمرة . يقال حفوه إذا أطافوا به ، وحففته بهم أي جعلتهم حافين حوله وهو متعد إلى مفعول واحد فتزيد الباء مفعولاً ثانياً { وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمَا زَرْعًا } جعلناها أرضاً جامعة للأقوات والفواكه ، ووصف العمارة بأنها متواصلة متشابكة لم يتوسطها ما يقطعها مع الشكل الحسن والترتيب الأنيق