وقبل موسى العرض وأمضى العقد ؛ في وضوح كذلك ودقة ، وأشهد الله :
( قال ذلك بيني وبينك . أيما الأجلين قضيت فلا عدوان على . والله علي ما نقول وكيل ) .
إن مواضع العقد وشروط التعاقد لا مجال للغموض فيها ، ولا اللعثمة ، ولا الحياء . ومن ثم يقر موسى العرض ، ويبرم العقد ، على ما عرض الشيخ من الشروط . ثم يقرر هذا ويوضحه : ( أيما الأجلين قضيت فلا عدوان علي ) . . سواء قضيت ثماني سنوات أو أتممت عشرا ، فلا عدوان في تكاليف العمل ، ولا عدوان في تحتيم العشر ؛ فالزيادة على الثمانية اختيار . . ( والله على ما نقول وكيل ) . فهو الشهيد الموكل بالعدل بين المتعاقدين . وكفى بالله وكيلا .
بين موسى - عليه السلام - هذا البيان تمشيا مع استقامة فطرته ، ووضوح شخصيته ، وتوفية بواجب المتعاقدين في الدقة والوضوح والبيان . وهو ينوي أن يوفي بأفضل الأجلين كما فعل . فقد روي أن رسول الله [ صلى الله عليه وسلم ] أخبر أنه : " قضى أكثرهما وأطيبهما " .
وهكذا اطمأن بموسى - عليه السلام - المقام في بيت حميه ؛ وقد أمن من فرعون وكيده . ولحكمة مقدرة في علم الله كان هذا الذي كان . . فلندع الآن هذه الحلقة تمضي في طريقها حتى تنقضي . فقد سكت السياق فيها عند هذا الحد وأسدل الستار . .
{ قال ذلك بيني وبينك } أي ذلك الذي عاهدتني فيه قائم بيننا لا نخرج عنه . { أيما الأجلين } أطولهما أو أقصرهما . { قضيت } وفيتك إياه . { فلا عدوان علي } لا تعتدي علي بطلب الزيادة فكما لا أطالب بالزيادة على العشر لا أطالب بالزيادة على الثمان ، أو فلا أكون متعديا بترك الزيادة عليه كقولك لا إثم علي ، وهو أبلغ في إثبات الخيرة وتساوي الأجلين في القضاء من أن يقال إن قضيت الأقصر فلا عدوان علي . وقرئ { أيما } كقوله :
تنظرت نصرا والسماكين أيما *** علي من الغيث استهلت مواطره
وأي الأجلين ما قضيت فتكون ما مزيدة لتأكيد الفعل أي : أي الأجلين جردت عزمي لقضائه ، وعدوان بالكسر . { والله على ما نقول } من المشارطة . { وكيل } شاهد حفيظ .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.