فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{قَالَ ذَٰلِكَ بَيۡنِي وَبَيۡنَكَۖ أَيَّمَا ٱلۡأَجَلَيۡنِ قَضَيۡتُ فَلَا عُدۡوَٰنَ عَلَيَّۖ وَٱللَّهُ عَلَىٰ مَا نَقُولُ وَكِيلٞ} (28)

ثم لما فرغ شعيب من كلامه قرره موسى ف{ قال ذَلِكَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ } واسم الإشارة مبتدأ ، وخبره ما بعده ، والإشارة إلى ما تعاقدا عليه ، وجملة { أَيَّمَا الأجلين قَضَيْتُ } شرطية ، وجوابها { فَلاَ عُدْوَانَ عَلَيَّ } ، والمراد بالأجلين : الثمانية الأعوام والعشرة الأعوام ، ومعنى { قضيَت } وفيت به ، وأتممته ، والأجلين مخفوض بإضافة أيّ إليه ، وما زائدة . وقال ابن كيسان : " ما " في موضع خفض بإضافة أيّ إليها ، و{ الأجلين } بدل منها ، وقرأ الحسن { أيما } بسكون الياء ، وقرأ ابن مسعود : { أيّ الأجلين ما قضيت } ومعنى { فَلاَ عُدْوَانَ عَلَيَّ } فلا ظلم عليّ بطلب الزيادة على ما قضيته من الأجلين ، أي كما لا أطالب بالزيادة على الثمانية الأعوام لا أطالب بالنقصان على العشرة . وقيل المعنى : كما لا أطالب بالزيادة على العشرة الأعوام لا أطالب بالزيادة على الثمانية الأعوام ، وهذا أظهر . وأصل العدوان : تجاوز الحد في غير ما يجب . قال المبرد : وقد علم موسى أنه لا عدوان عليه إذا أتمهما ، ولكنه جمعهما ؛ ليجعل الأوّل كالأتمّ في الوفاء . قرأ الجمهور { عدوان } بضم العين . وقرأ أبو حيوة بكسرها . { والله على مَا نَقُولُ وَكِيلٌ } أي على ما نقول من هذه الشروط الجارية بيننا شاهد وحفيظ ، فلا سبيل لأحدنا إلى الخروج عن شيء من ذلك . قيل : هو من قول موسى . وقيل : من قول شعيب ، والأوّل أولى لوقوعه في جملة كلام موسى .

/خ32