قوله : { ذَلِكَ } : مبتدأٌ . والإِشارةُ به إلى ما تعاقَدَا عليه ، والظرفُ خبرُه . وأُضِيْفَتْ " بين " لمفردٍ لتكررِها عطفاً بالواوِ . ولو قلتَ : " المالُ بين زيدٍ فعمرٍو " لم يَجُزْ . فأمَّا قولُه :
3599 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . *** . . . . . . . . . بين الدَّخولِ فَحَوْمَلِ
فكان الأصمعيُّ يَأْباها ويَرْوي " وحَوْمَلِ " بالواو . والصحيحُ بالفاءِ ، وأوَّلَ البيتَ على : " الدَّخولِ وَحَوْمَلِ " مكانان كلٌّ منهما مشتملٌ على أماكنَ ، نحو قولِك : " داري بين مصرَ " لأنه به المكانُ الجامع . والأصل : ذلك بَيْنَنا ، ففرَّق بالعطف .
قوله : { أَيَّمَا الأَجَلَيْنِ } " أيّ " شرطيةٌ . وجوابُها " فلا عُدْوانَ " عليَّ . وفي " ما " هذه قولان ، أشهرُهما : أنها زائدةٌ كزيادتِها في أخواتِها مِنْ أدواتِ الشرط . والثاني : أنها نكرةٌ . والأَجَلَيْن بدلٌ منها . وقرأ الحسن وأبو عمرٍو في رواية " أَيْما " بتخفيفِ الياءِ ، كقوله :
تَنَظَّرْتُ نَصْراً والسِّماكَيْنِ أَيْهُما *** عليَّ من الغَيْثِ اسْتَهَلَّتْ مواطِرُهْ
وقرأ عبد الله " أَيَّ الأَجَلَيْنِ ما قَضَيْتُ " بإقحام " ما " بين " الأجلين " و " قَضَيْتُ " . قال الزمخشري : " فإنْ قلتَ : ما الفرقُ بين موقعَيْ زيادةِ " ما " في القراءتين ؟ قلت : وقعَتْ في المستفيضة مؤكِّدةً لإِبهامِ " أيّ " زائدةً في شِياعِها ، وفي الشاذَّة تأكيداً للقضاءِ كأنه قال : أيَّ الأجلين صَمَّمْتُ على قضائه ، وجَرَّدْت عَزيمتي له " .
وقرأ أبو حيوةَ وابنُ قطيب " عِدْوان " . قال الزمخشري : " فإنْ قلتَ : تَصَوُّرُ العُدْوان إنما هو في أحد الأجلَيْن الذي هو أقصرُهما ، وهو المطالبةُ بتتمَّة العَشْر ، فما معنى تعلُّقِ العُدْوانِ بهما جميعاً ؟ قلت : معناه كما أنِّي إنْ طُوْلِبْتُ بالزيادةِ على العشر [ كان عدواناً ] لا شك فيه ، فكذلك إنْ طولِبْتُ بالزيادةِ على الثمان . أراد بذلك تقريرَ ِأمرِ الخِيارِ ، وأنه ثابتٌ مستقرٌّ ، وأن الأجلَيْنِ على السَّواء : إمَّا هذا وإمَّا هذا " . ثم قال : " وقيل : معناه : فلا أكونُ متعدياً . وهو في نَفْي العدوان عن نفسه كقولِك : لا إثمَ علي ولا تَبِعَةَ " . قال الشيخ : " وجوابُه الأولُ فيه تكثيرٌ " . قلتُ : كأنه أعجبه الثاني ، والثاني لم يَرْتَضِه الزمخشريُّ ؛ لأنه ليس جواباً في الحقيقة ؛ فإن السؤالَ باقٍ أيضاً . وكذلك نَقَلَه عن غيره .
وقال المبرد : " وقد عَلِم أنه لا عُدْوانَ عليه في أتَمِّهما ، ولكنْ جَمَعَهما ليجعلَ الأولَ كالأَتَمِّ في الوفاء " .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.