في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{فَمَن يَعۡمَلۡ مِثۡقَالَ ذَرَّةٍ خَيۡرٗا يَرَهُۥ} (7)

ووراء رؤيتها الحساب الدقيق الذي لا يدع ذرة من خير أو من شر لا يزنها ولا يجازي عليها .

( فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره . ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره ) . .

ذرة . . كان المفسرون القدامى يقولون : إنها البعوضة . وكانوا يقولون : إنها الهباءة التي ترى في ضوء الشمس . . . فقد كان ذلك أصغر ما يتصورون من لفظ الذرة . . .

فنحن الآن نعلم أن الذرة شيء محدد يحمل هذا الإسم ، وأنه أصغر بكثير من تلك الهباءة التي ترى في ضوء الشمس ، فالهباءة ترى بالعين المجردة . أما الذرة فلا ترى أبدا حتى بأعظم المجاهر في المعامل . إنما هي " رؤيا " في ضمير العلماء ! لم يسبق لواحد منهم أن رآها بعينه ولا بمجهره . وكل ما رآه هو آثارها !

فهذه أو ما يشبهها من ثقل ، من خير أو شر ، تحضر ويراها صاحبها ويجد جزاءها ! . . .

عندئذ لا يحقر " الإنسان " شيئا من عمله . خيرا كان أو شرا . ولا يقول : هذه صغيرة لا حساب لها ولا وزن . إنما يرتعش وجدانه أمام كل عمل من أعماله إرتعاشة ذلك الميزان الدقيق الذي ترجح به الذرة أو تشيل !

إن هذا الميزان لم يوجد له نظير أو شبيه بعد في الأرض . . إلا في القلب المؤمن . .

القلب الذي يرتعش لمثقال ذرة من خير أو شر . . . وفي الأرض قلوب لا تتحرك للجبل من الذنوب والمعاصي والجرائر . . ولا تتأثر وهي تسحق رواسي من الخير دونها رواسي الجبال . .

إنها قلوب عتلة في الأرض ، مسحوقة تحت أثقالها تلك في يوم الحساب ! !

 
أيسر التفاسير لكلام العلي الكبير للجزائري - أبوبكر الجزائري [إخفاء]  
{فَمَن يَعۡمَلۡ مِثۡقَالَ ذَرَّةٍ خَيۡرٗا يَرَهُۥ} (7)

شرح الكلمات :

{ مثقال ذرة } : زنة نملة صغيرة .

المعنى :

وقوله تعالى { فمن يعمل مثقال ذرة خيرا } أي وزن ذرة من خير في الدنيا يثب عليه في الآخرة .

كما أن أبا بكر الصديق رضي الله عنه كان يأكل مع الرسول صلى الله عليه وسلم ونزلت هذه الآية { فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره } الآية ، فرفع أبو بكر يده من الطعام وقال : إني لراء ما عملت من خير وشر ؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم : " إن ما ترى مما تكره فهو من مثاقيل ذرّ شر كثير ، ويدخر الله لك مثاقيل الخير حتى تعطاه يوم القيامة " ، وتصديق ذلك في كتاب الله { وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم ويعفو عن كثير }

/ذ6

 
التسهيل لعلوم التنزيل، لابن جزي - ابن جزي [إخفاء]  
{فَمَن يَعۡمَلۡ مِثۡقَالَ ذَرَّةٍ خَيۡرٗا يَرَهُۥ} (7)

{ فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره } المثقال هو الوزن ، والذرة هي النملة الصغيرة ، والرؤية هنا ليست برؤية بصر وإنما هي عبارة عن الجزاء ، وذكر الله مثقال الذرة تنبيها على ما هو أكثر منه من طريق الأولى ، كأنه قال : من يعمل قليلا أو كثيرا ، وهذه الآية هي في المؤمنين ؛ لأن الكافر لا يجازى في الآخرة على حسناته ؛ إذ لم تقبل منه ، واستدل أهل السنة بهذه الآية أنه لا يخلد مؤمن في النار ؛ لأنه إذا خلد لم ير ثوابا على إيمانه ، وعلى ما عمل من الحسنات . وروي : عن عائشة أنها تصدقت بحبة عنب ، فقيل لها في ذلك فقالت : كم فيها من مثقال ذرة . وسمع رجل هذه الآية عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : حسبي الله ، لا أبالي أن أسمع غيرها .