تفسير مقاتل بن سليمان - مقاتل  
{فَمَن يَعۡمَلۡ مِثۡقَالَ ذَرَّةٍ خَيۡرٗا يَرَهُۥ} (7)

ثم قال :{ فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره } آية يقول : من يعمل في الدنيا { مثقال ذرة } يعني وزن نملة أصغر النمل الأحمر التي لا تكاد نراها من صغرها ، { خيرا } في التقديم { يره } يومئذ يوم القيامة في كتابه أيضا .

{ ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره } آية في صحيفته ، وذلك أن العرب كانوا لا يتصدقون بالشيء القليل ، وكانوا لا يرون بالذنب الصغير بأسا ، فزهدهم الله عز وجل في الذنب الحقير ، ورغبهم في الصدقة القليلة ، فقال :{ فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره } في كتابه والذرة أصغر النمل وهي النملة الصغيرة ، وأيضا فمن يعمل في الدنيا مثقال ذرة قدر نملة شرا يره يوم القيامة في كتابه ، نزلت في رجلين بالمدينة ، كان أحدهما إذا أتاه السائل يستقل أن يعطيه الكسرة أو النمرة ، ويقول : ما هذا بشيء إنما نؤجر على ما نعطى ونحن نحبه ، وقد قال الله عز وجل :{ ويطعمون الطعام على حبه } [ الإنسان :8 ] ، فيقول : ليس هذا مما يحب ، فيستقل ذلك ، ويرى أنه لا يؤجر عليه ، فيرد المسكين صفرا ، وكان الآخر يتهاون بالذنب اليسير الكذبة ، والنظرة ، والغيبة ، وأشباه ذلك ، ويقول : ليس على من فعل هذا شيء ، إنما وعد الله النار أهل الكبائر ، فأنزل الله عز وجل يرغبهم في القليل من الخير أن يعطوه لله ، فإنه يوشك أن يكثر ، ويحذرهم اليسير من الشر ، فإنه يوشك أن يكثر ، فالذنب الصغير في عين صاحبه يوم القيامة أعظم من الجبال الرواسي ، وجميع محاسنه التي عملها في دار الدنيا أصغر في عينه من حسنة واحدة .

حدثنا عبد الله بن ثابت ، قال : حدثنا أبي ، قال : حدثنا الهذيل ، عن أبي روق ، في قوله :{ وتمت كلمة ربك صدقا وعدلا } [ الأنعام :115 ] ، قال : لمن جاء بشرائع الإسلام ، فله الجنة ، وعدلا على أهل التكذيب فلهم النار .