جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري  
{قُلۡ هَلۡ مِن شُرَكَآئِكُم مَّن يَبۡدَؤُاْ ٱلۡخَلۡقَ ثُمَّ يُعِيدُهُۥۚ قُلِ ٱللَّهُ يَبۡدَؤُاْ ٱلۡخَلۡقَ ثُمَّ يُعِيدُهُۥۖ فَأَنَّىٰ تُؤۡفَكُونَ} (34)

القول في تأويل قوله تعالى :

{ قُلْ هَلْ مِن شُرَكَآئِكُمْ مّن يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمّ يُعِيدُهُ قُلِ اللّهُ يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمّ يُعِيدُهُ فَأَنّىَ تُؤْفَكُونَ } .

يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم : قُلْ يا محمد هَلْ مِنْ شُرَكائِكُمْ يعني من الاَلهة والأوثان مَنْ يَبْدَأُ الخَلْقَ ثُمّ يُعِيدُهُ ؟ يقول : من ينشىء خلق شيء من غير أصل ، فيحدث خلقه ابتداء ثم يعيده ، يقول : ثم يفنيه بعد إنشائه ، ثم يعيده كهيئته قبل أن يفنيه ؟ فإنهم لا يقدرون على دعوى ذلك لها . وفي ذلك الحجة القاطعة والدلالة الواضحة على أنهم في دعواهم أنها أرباب وهي لله في العبادة شركاء كاذبون مفترون . فقُلِ لهم حينئذ يا محمد : اللّهُ يَبْدَأُ الخَلْقَ فينشئه من غير شيء ويحدثه من غير أصل ثم يفنيه إذا شاء ، ثُمّ يُعِيدُهُ إذا أراد كهيئته قبل الفناء . فَأَنّي تُؤْفَكُونَ يقول : فأيّ وجه عن قصد السبيل وطريق الرشد تصرفون وتقلبون . كما :

حدثنا محمد بن عبد الأعلى ، قال : حدثنا محمد بن ثور ، عن معمر ، عن الحسن : فَأنّىَ تُؤْفَكونَ قال : أنىَ تصرفون .

وقد بيّنا اختلاف المختلفين في تأويل قوله : أنّىَ تُؤْفَكُونَ والصواب من القول في ذلك عندنا بشواهده في سورة الأنعام .