في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{وَمَا يَتَّبِعُ أَكۡثَرُهُمۡ إِلَّا ظَنًّاۚ إِنَّ ٱلظَّنَّ لَا يُغۡنِي مِنَ ٱلۡحَقِّ شَيۡـًٔاۚ إِنَّ ٱللَّهَ عَلِيمُۢ بِمَا يَفۡعَلُونَ} (36)

26

فإذا فرغ من سؤالهم وإجابتهم ، وتقرير الإجابة المفروضة التي تحتمها البديهة وتحتمها المقدمات المسلمة . . عقب على هذا بتقرير واقعهم في النظر والاستدلال والحكم والاعتقاد . فهم لا يستندون إلى يقين فيما يعتقدون أو يعبدون أو يحكمون ، ولا إلى حقائق مدروسة يطمئن إليها العقل والفطرة ، إنما يتعلقون بأوهام وظنون ، يعيشون عليها ويعيشون بها ؛ وهي لا تغني من الحق شيئا .

( وما يتبع أكثرهم إلا ظنا . إن الظن لا يغني من الحق شيئا . إن الله عليم بما يفعلون . . ) .

فهم يظنون أن لله شركاء . ولا يحققون هذا الظن ولا يمتحنونه عملا ولا عقلا . وهم يظنون أن آباءهم ما كانوا ليعبدوا هذه الأصنام لو لم يكن فيها ما يستحق العبادة : ولا يمتحنون هم هذه الخرافة ، ولا يطلقون عقولهم من إسار التقليد الظني . وهم يظنون أن الله لا يوحي إلى رجل منهم ، ولا يحققون لماذا يمتنع هذا على الله . وهم يظنون أن القرآن من عمل محمد ولا يحققون إن كان محمد - وهو بشر - قادرا على تأليف هذا القرآن ، بينما هم لا يقدرون وهم بشر مثله . . وهكذا يعيشون في مجموعة من الظنون لا تحقق لهم من الحق شيئا . والله وحده هو الذي يعلم علم اليقين أفعالهم وأعمالهم . .

( إن الله عليم بما يفعلون ) . .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{وَمَا يَتَّبِعُ أَكۡثَرُهُمۡ إِلَّا ظَنًّاۚ إِنَّ ٱلظَّنَّ لَا يُغۡنِي مِنَ ٱلۡحَقِّ شَيۡـًٔاۚ إِنَّ ٱللَّهَ عَلِيمُۢ بِمَا يَفۡعَلُونَ} (36)

ثم بين تعالى أنهم لا يتبعون في دينهم هذا دليلا ولا برهانًا ، وإنما هو ظن منهم ، أي : توهم وتخيل ، وذلك لا يغني عنهم شيئا ، { إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِمَا يَفْعَلُونَ } تهديد لهم ، ووعيد شديد ؛ لأنه تعالى أخبر{[14226]} أنه سيجازيهم على ذلك أتم الجزاء .


[14226]:- في ت ، أ : "يخبر".
 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{وَمَا يَتَّبِعُ أَكۡثَرُهُمۡ إِلَّا ظَنًّاۚ إِنَّ ٱلظَّنَّ لَا يُغۡنِي مِنَ ٱلۡحَقِّ شَيۡـًٔاۚ إِنَّ ٱللَّهَ عَلِيمُۢ بِمَا يَفۡعَلُونَ} (36)

وقوله { وما يتبع أكثرهم } ، إخبار عن فساد طرائقهم وضعف نظرهم وأنه ظن ، ثم بين منزلة الظن من المعارف وبعده من الحق ، و { الظن } في هذه الآية على بابه في أنه معتقد أحد جائزين لكن ثم ميل إلى أحدهما دون حجة تبطل الآخر ، وجواز ما اعتقده هؤلاء إنما هو بزعمهم لا في نفسه .

بل ظنهم محال في ذاته . و { الحق } أيضاً على بابه في أنه معرفة المعلوم على ما هو به . وبهذه الشروط «لا يغني الظن من الحق شيئاً » . وأما في طريق الأحكام التي تعبد الناس بظواهرها فيغني الظن في تلك الحقائق ويصرف من طريق إلى طريق . والشهادة إنما هي مظنونة . وكذلك التهم في الشهادات وغيرها تغني . وليس المراد في هذه الآية هذا النمط . وقرأ جمهور الناس . «يفعلون » وقرأ عبد الله بن مسعود «تفعلون » بالتاء على مخاطبة الحاضر .