التفسير الشامل لأمير عبد العزيز - أمير عبد العزيز  
{قُلۡ هَلۡ مِن شُرَكَآئِكُم مَّن يَبۡدَؤُاْ ٱلۡخَلۡقَ ثُمَّ يُعِيدُهُۥۚ قُلِ ٱللَّهُ يَبۡدَؤُاْ ٱلۡخَلۡقَ ثُمَّ يُعِيدُهُۥۖ فَأَنَّىٰ تُؤۡفَكُونَ} (34)

قوله تعالى : { قل هل من شركاءكم من يبدؤا الخلق ثم يعيده قل الله يبدؤا الخلق ثم يعيدوه فأنى يؤفكون 34 قل هل شركائكم من يهدي إلى الحق قل الله يهدي للحق أفمن يهدي إلى الحق أحق أن يتبع أمن لا يهدي إلا أن يهدى فما لكم كيف تحكمون 35 وما يتبع أكثرهم إلا ظنا لا يغني من الحق شيئا إن الله عليم بما تفعلون } .

بعد أن أنكر على المشركين صرفهم عن الحق وعبادة الله احتج على حقية التوحيد وبطلان الشرك ، وعلى أن هذه الآلهة المختلفة لا تضر ولا تنفع ، ولا تملك أن تفعل شيئا . والاستفهام هنا يراد به التبكيت والتقريع . وهو يتضمن التأكيد الجازم على أن هذه الأصنام ليس بمستطاع لها أن تبدأ الخلق في نشأته الأولى ثم تعيده بعد الموت والفناء مرة أخرى . بل إن الله لهو القادر على أن يبدأ الخلق ثم يبعثه من جديد يوم القيامة .

قوله : { قل الله يبدأ الخلق ثم يعيده } وهذه الجملة جواب لقوله : { هل من شركاءكم من يبدؤا الخلق } {[1978]} . وهو جواب صريح واضح وفيه التأكيد الجازم على أن عملية الخلق والإعادة إنما هي منوطة بقدرة الله وعظيم جلاله وسلطانه . ولا تملك الآلهة والأرباب المزعومة والمصطنعة أن تفعل شيئا من ذلك .

قوله : { فأنى تؤفكون } من الأفك –بفتح الهمز- أفكه يأفكه أفكا ؛ أي صرفه وقلبه ، أو قلب رأيه قلبا{[1979]} ؛ أي كيف تصرفون وتقلبون عن اتباع الحق لتركنوا إلى الضلال بعبادة الآلهة المزعومة والمفتراة ؟


[1978]:الدر المصون جـ 6 ص 196، 197.
[1979]:القاموس المحيط ص 1203.