في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{كَدَأۡبِ ءَالِ فِرۡعَوۡنَ وَٱلَّذِينَ مِن قَبۡلِهِمۡۚ كَذَّبُواْ بِـَٔايَٰتِنَا فَأَخَذَهُمُ ٱللَّهُ بِذُنُوبِهِمۡۗ وَٱللَّهُ شَدِيدُ ٱلۡعِقَابِ} (11)

1

( كدأب آل فرعون والذين من قبلهم كذبوا بآياتنا ، فأخذهم الله بذنوبهم ، والله شديد العقاب ) . .

وهو مثل مضى في التاريخ مكرورا ، وقصة الله في هذا الكتاب تفصيلا : وهو يمثل سنة الله في المكذبين بآياته ، يجريها حيث يشاء . فلا أمان إذن ولا ضمان لمكذب بآيات الله .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{كَدَأۡبِ ءَالِ فِرۡعَوۡنَ وَٱلَّذِينَ مِن قَبۡلِهِمۡۚ كَذَّبُواْ بِـَٔايَٰتِنَا فَأَخَذَهُمُ ٱللَّهُ بِذُنُوبِهِمۡۗ وَٱللَّهُ شَدِيدُ ٱلۡعِقَابِ} (11)

وقوله تعالى : { كَدَأْبِ آلِ فِرْعَوْنَ } قال الضحاك ، عن ابن عباس : كصنيع آل فرعون . وكذا روي عن عكرمة ، ومجاهد ، وأبي مالك ، والضحاك ، وغير واحد ، ومنهم من يقول : كسنة آل فرعون ، وكفعل آل فرعون وكشبه{[4822]} آل فرعون ، والألفاظ متقاربة . والدأب - بالتسكين ، والتحريك أيضًا كنَهْر ونَهَر - : هو الصنع {[4823]} والشأن والحال والأمر والعادة ، كما يقال : لا يزال هذا دأبي ودأبك ، وقال امرؤ القيس :

وقوفا بها صحبي على مطيهم *** يقولون : لا تهلك{[4824]} أسى وتجمل{[4825]}

كدأبك من أم الحويرث{[4826]} قبلها *** وجارتها أم الرباب بمأسل{[4827]}

والمعنى : كعادتك في أم الحويرث حين أهلكت نفسك في حبها وبكيت دارها ورسمها .

والمعنى في الآية : أن الكافرين لا تغني{[4828]} عنهم الأولاد ولا الأموال ، بل يهلكون ويعذبون ، كما جرى لآل فرعون ومن قبلهم من المكذبين للرسل{[4829]} فيما جاؤوا{[4830]} به من آيات الله وحججه .

{ [ كَدَأْبِ آلِ فِرْعَوْنَ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا فَأَخَذَهُمُ اللَّهُ بِذُنُوبِهِمْ ] {[4831]} وَاللَّهُ شَدِيدُ الْعِقَابِ } أي : شديد الأخذ أليم العذاب ، لا يمتنع منه أحد ، ولا يفوته شيء بل هو الفعال لما يريد ، الذي [ قد ] {[4832]} غلب كل شيء وذل له كل شيء ، لا إله غيره ولا رب سواه .


[4822]:في أ، و: "وكشبيه".
[4823]:في جـ، ر، أ، و: "الصنيع".
[4824]:في جـ، ر، أ، و: "تأسف".
[4825]:في جـ، ر، أ: "تحملي"، وفي و: "تحمل".
[4826]:في أ: "الحويرة".
[4827]:البيت في تفسير الطبري (6/225) وديوان امرئ القيس (125)، والبيت من معلقته المشهورة.
[4828]:في ر، أ "يغني".
[4829]:في جـ، ر: "بالرسل".
[4830]:في جـ، ر، أ، و: "جاءوهم".
[4831]:زيادة من جـ، ر، أ، و.
[4832]:زيادة من أ، و.
 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{كَدَأۡبِ ءَالِ فِرۡعَوۡنَ وَٱلَّذِينَ مِن قَبۡلِهِمۡۚ كَذَّبُواْ بِـَٔايَٰتِنَا فَأَخَذَهُمُ ٱللَّهُ بِذُنُوبِهِمۡۗ وَٱللَّهُ شَدِيدُ ٱلۡعِقَابِ} (11)

والكاف في قوله { كدأب } في موضع رفع ، التقدير : دأبهم { كدأب } ، ويصح أن يكون الكاف في موضع نصب ، قال الفراء : هو نعت لمصدر محذوف تقديره كفراً { كدأب } ، فالعامل فيه { كفروا } ، ورد هذا القول الزجاج بأن الكاف خارجة من الصلة فلا يعمل فيها ما في الصلة .

قال القاضي رحمه الله : ويصح أن يعمل فيه فعل مقدر من لفظ «الوقود » ويكون التشبيه في نفس الاحتراق ، ويؤيد هذا المعنى قوله تعالى : { النار يعرضون عليها غدواً وعشياً{[2980]} ، أدخلوا آل فرعون أشد العذاب } [ غافر : 46 ] ، والقول الأول أرجح الأقوال أن يكون الكاف في موضع رفع ، والهاء في { قبلهم } عائدة على { آل فرعون } ، ويحتمل أن تعود على معاصري رسول الله صلى الله عليه وسلم من الكفار ، وقوله : { بآياتنا } يحتمل أن يريد بالآيات المتلوة ، ويحتمل أن يريد العلامات المنصوبة ، واختلفت عبارة المفسرين ، في تفسير الدأب ، وذلك كله راجع إلى المعنى الذي ذكرناه .


[2980]:- من الآيتين 45و 46 من سورة غافر-والأصل المثبت في النسخ هو: (أدخلوا آل فرعون أشد العذاب، النار)، وهو من اضطراب النساخ فيما يبدو.-