فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{كَدَأۡبِ ءَالِ فِرۡعَوۡنَ وَٱلَّذِينَ مِن قَبۡلِهِمۡۚ كَذَّبُواْ بِـَٔايَٰتِنَا فَأَخَذَهُمُ ٱللَّهُ بِذُنُوبِهِمۡۗ وَٱللَّهُ شَدِيدُ ٱلۡعِقَابِ} (11)

( كدأب آل فرعون ) الدأب الاجتهاد ، يقال دأب الرجل في عمله يدأب دأبا و دؤبا إذا جد واجتهد ، والدائبان الليل والنهار ، والدأب الحال والعادة والشان . والمراد هنا كعادة آل فرعون وشأنهم وحالهم ، وقال ابن عباس كفعل آل فرعون وصنيعهم في الكفر . وقيل كسنة آل فرعون .

واختلفوا في الكاف فقيل دأبهم كدأب آل فرعون مع موسى . وقال الفراء كفرت العرب ككفر آل فرعون ، وأنكره النحاس . وقيل أخذهم أخذة كما أخذ آل فرعون . وقيل لم تغن عنهم غناء كما لم تغن عن آل فرعون .

وقيل العامل فعل مقدر من لفظ الوقود ويكون التشبيه في نفس الإحراق قالوا ويؤيده قوله تعالى ( أدخلوا آل فرعون أشد العذاب . النار يعرضون عليها غدوا وعشيا ) والقول الأول هو الذي قاله جمهور المحققين ومنهم الأزهري .

( و الذين من قبلهم ) أي من قبل آل فرعون من الأمم الكافرة الماضية مثل عاد وثمود وغيرهم أي وكدأب الذين من قبلهم ( كذبوا بآياتنا ) لما جاءتهم بها الرسل يحتمل ان يراد بالآيات المتلوة . ويحتمل ان يراد بها الآيات المنصوبة للدلالة على الوحدانية ويصح إرادة الجميع . وقال في الأنفال ( كذبوا ) وفي موضع آخر منها ( كفروا ) تفننا جريا على عادة العرب في تفننهم في الكلام .

( فأخذهم الله بذنوبهم ) أي فعاقبهم بسبب تكذيبهم . أو المراد سائر ذنوبهم التي من جملتها تكذيبهم ( والله شديد العقاب ) أي شديد عقابه . فالإضافة غير محضة ، وقيل المعنى إن الذين كفروا لن تغني عنهم أموالهم ولا أولادهم عند حلول النقمة والعقوبة مثل آل فرعون وكفار الأمم الماضية فأخذناهم فلم تغن عنهم أموالهم ولا أولادهم .