في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{قُلۡ هَلۡ تَرَبَّصُونَ بِنَآ إِلَّآ إِحۡدَى ٱلۡحُسۡنَيَيۡنِۖ وَنَحۡنُ نَتَرَبَّصُ بِكُمۡ أَن يُصِيبَكُمُ ٱللَّهُ بِعَذَابٖ مِّنۡ عِندِهِۦٓ أَوۡ بِأَيۡدِينَاۖ فَتَرَبَّصُوٓاْ إِنَّا مَعَكُم مُّتَرَبِّصُونَ} (52)

( وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة . . . ) وما يتكل على اللّه حق الاتكال من لا ينفذ أمر اللّه ، ومن لا يأخذ بالأسباب ، ومن لايدرك سنة اللّه الجارية التي لا تحابي أحداً ، ولا تراعي خاطر إنسان !

على أن المؤمن أمره كله خير . سواء نال النصر أو نال الشهادة . والكافر أمره كله شر سواء أصابه عذاب اللّه المباشر أو على أيدي المؤمنين :

( قل : هل تربصون بنا إلا إحدى الحسنيين ، ونحن نتربص بكم أن يصيبكم اللّه بعذاب من عنده أو بأيدينا . فتربصوا إنا معكم متربصون ) . .

فماذا يتربص المنافقون بالمؤمنين ? إنها الحسنى على كل حال . النصر الذي تعلو به كلمة اللّه ، فهو جزاؤهم في هذه الأرض . أو الشهادة في سبيل الحق عليا الدرجات عند اللّه . وماذا يتربص المؤمنون بالمنافقين ? إنه عذاب اللّه يأخذهم كما أخذ من قبلهم من المكذبين ؛ أو ببطش المؤمنين بهم كما وقع من قبل للمشركين . . ( فتربصوا إنا معكم متربصون )والعاقبة معروفة . والعاقبة معروفة للمؤمنين .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{قُلۡ هَلۡ تَرَبَّصُونَ بِنَآ إِلَّآ إِحۡدَى ٱلۡحُسۡنَيَيۡنِۖ وَنَحۡنُ نَتَرَبَّصُ بِكُمۡ أَن يُصِيبَكُمُ ٱللَّهُ بِعَذَابٖ مِّنۡ عِندِهِۦٓ أَوۡ بِأَيۡدِينَاۖ فَتَرَبَّصُوٓاْ إِنَّا مَعَكُم مُّتَرَبِّصُونَ} (52)

يقول تعالى : { قُلْ } لهم يا محمد : { هَلْ تَرَبَّصُونَ بِنَا } ؟ أي : تنتظرون بنا { إِلا إِحْدَى الْحُسْنَيَيْنِ } شهادَة أو ظَفَرٌ بكم . قاله ابن عباس ، ومجاهد ، وقتادة ، وغيرهم . { وَنَحْنُ نَتَرَبَّصُ بِكُمْ أَنْ يُصِيبَكُمُ اللَّهُ بِعَذَابٍ مِنْ عِنْدِهِ أَوْ بِأَيْدِينَا } أي : ننتظر بكم هذا أو هذا ، إما أن يصيبكم الله بقارعة من عنده أو بأيدينا ، بسبي أو بقتل ، { فَتَرَبَّصُوا إِنَّا مَعَكُمْ مُتَرَبِّصُونَ }

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{قُلۡ هَلۡ تَرَبَّصُونَ بِنَآ إِلَّآ إِحۡدَى ٱلۡحُسۡنَيَيۡنِۖ وَنَحۡنُ نَتَرَبَّصُ بِكُمۡ أَن يُصِيبَكُمُ ٱللَّهُ بِعَذَابٖ مِّنۡ عِندِهِۦٓ أَوۡ بِأَيۡدِينَاۖ فَتَرَبَّصُوٓاْ إِنَّا مَعَكُم مُّتَرَبِّصُونَ} (52)

و { تربصون } معناه تنتظرون و «الحسنيان » الشهادة والظفر{[5698]} وقرأ ابن محيصن : «إلا احدى الحسنيين » بوصل ألف { إحدى } .

قال القاضي أبو محمد : وهذه لغة ليست بالقياس وهذا مثل قول الشاعر : [ الكامل ]

يا أبا المغيرة رب أمر معضل{[5699]}

وقول الآخر : [ الكامل ]

إن لم أقاتل فالبِسيني برقعا{[5700]}

وقوله { بعذاب من عنده } ، يريد الموت بإحداث الأسف ، ويحتمل أن يكون توعداً بعذاب الآخرة ، وقوله { بأيدينا } ، يريد القتل وقيل { بعذاب من عنده } يريد أنواع المصائب والقوارع وقوله : { فتربصوا إنَّا معكم متربصون } وعيد وتهديد .


[5698]:- في الحديث الشريف: (تكفل الله لمن جاهد في سبيله لا يُخرجه من بيته إلا الجهاد في سبيله وتصديق كلمته أن يدخل الجنة أو يرجع إلى مسكنه الذي خرج منه مع ما نال من أجر وغنيمة) وهو حديث طويل رواه مسلم، وروى البخاري بعضه- عن أبي هريرة. (منهاج الصالحين).
[5699]:- أعضله الأمر: غلبه، ويقال: أمر عُضال ومعضل، فأوله عُضال فإذا لزم فهو مُعضل، والشاهد في البيت هو وصل همزة "أبا".
[5700]:- البُرقُع "بضم الباء والقاف"، والبُرقع "بضم الباء وفتح القاف"، والبُرقْوع: معروف، وهو للدواب ونساء الأعراب، وفيه خرقان للعينين، قال توبة بن الحمير: وكنت إذا ما جئت ليلى تبرقعت فقد رابني منها الغداة سفورها والشاهد في البيت الذي أورده ابن عطية وصل الهمزة في "فالبسيني".