البحر المحيط لأبي حيان الأندلسي - أبو حيان  
{قُلۡ هَلۡ تَرَبَّصُونَ بِنَآ إِلَّآ إِحۡدَى ٱلۡحُسۡنَيَيۡنِۖ وَنَحۡنُ نَتَرَبَّصُ بِكُمۡ أَن يُصِيبَكُمُ ٱللَّهُ بِعَذَابٖ مِّنۡ عِندِهِۦٓ أَوۡ بِأَيۡدِينَاۖ فَتَرَبَّصُوٓاْ إِنَّا مَعَكُم مُّتَرَبِّصُونَ} (52)

{ قل هل تربصون بنا إلا إحدى الحسنيين ونحن نتربص بكم أن يصيبكم الله بعذاب من عنده أو بأيدينا فتربصوا إنا معكم متربصون } : أي ما ينتظرون بنا إلا إحدى العاقبتين ، كل واحدة منهما هي الحسنى من العواقب : إما النصرة ، وإما الشهادة .

فالنصرة مآلها إلى الغلبة والاستيلاء ، والشهادة مآلها إلى الجنة .

وقال ابن عباس : إنّ الحسينيين الغنيمة والشهادة .

وقيل : الأجر والغنيمة .

وقيل : الشهادة والمغفرة .

وفي الحديث : « تكفل الله لمن جاهد في سبيله لا يخرجه من بيته إلا الجهاد في سبيله ، وتصديق كلمته أن يدخل الجنة ، أو رجعه إلى مسكنه الذي خرج منه مع ما نال من أجر وغنيمة ، والعذاب من عند الله » قال ابن عباس : هو هنا الصواعق .

وقال ابن جريج : الموت .

وقيل : قارعة من السماء تهلكهم كما نزلت على عاد وثمود .

قال ابن عطية : ويحتمل أن يكون توعداً بعذاب الآخرة ، أو بأيدينا بالقتل على الكفر .

فتربصوا مواعيد الشيطان إنا معكم متربصون إظهار دينه واستئصال من خالفه ، قاله الحسن .

وقال الزمخشري : فتربصوا بنا ما ذكرنا من عواقبنا أنا معكم متربصون ما هو عاقبتكم ، فلا بد أنْ نلقى كلنا ما نتربصه لا نتجاوزه انتهى .

وهو أمر يتضمن التهديد والوعيد .

وقرأ ابن محيصن الأحدي : بإسقاط الهمزة .

قال ابن عطية : فوصل ألف إحدى وهذه لغة وليست بالقياس ، وهذا نحو قول الشاعر :

يابا المغيرة رب أمر معضل *** ونحو قول الآخر :

إن لم أقاتل فالبسني برقعا *** انتهى .