في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{وَمَا مَنَعَهُمۡ أَن تُقۡبَلَ مِنۡهُمۡ نَفَقَٰتُهُمۡ إِلَّآ أَنَّهُمۡ كَفَرُواْ بِٱللَّهِ وَبِرَسُولِهِۦ وَلَا يَأۡتُونَ ٱلصَّلَوٰةَ إِلَّا وَهُمۡ كُسَالَىٰ وَلَا يُنفِقُونَ إِلَّا وَهُمۡ كَٰرِهُونَ} (54)

( ولا يأتون الصلاة إلا وهم كسالى ) . .

فهم يأتونها مظهراً بلا حقيقة ، ولا يقيمونها إقامة واستقامة . يأتونها كسالى لأن الباعث عليها لا ينبثق من أعماق الضمير ، إنما يدفعون إليها دفعاً ، فيحسون أنهم عليها مسخرون ! وكذلك ينفقون ما ينفقون كارهين مكرهين .

وما كان اللّه ليقبل هذه الحركات الظاهرة التي لا تحدو إليها عقيدة ، ولا يصاحبها شعور دافع . فالباعث هو عمدة العمل والنية هي مقياسه الصحيح .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{وَمَا مَنَعَهُمۡ أَن تُقۡبَلَ مِنۡهُمۡ نَفَقَٰتُهُمۡ إِلَّآ أَنَّهُمۡ كَفَرُواْ بِٱللَّهِ وَبِرَسُولِهِۦ وَلَا يَأۡتُونَ ٱلصَّلَوٰةَ إِلَّا وَهُمۡ كُسَالَىٰ وَلَا يُنفِقُونَ إِلَّا وَهُمۡ كَٰرِهُونَ} (54)

ثم أخبر تعالى عن سبب ذلك ، وهو أنهم لا يتقبل منهم ، { إِلا أَنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَبِرَسُولِهِ } أي : [ قد كفروا ]{[1]} والأعمال إنما تصح بالإيمان ، { وَلا يَأْتُونَ الصَّلاةَ إِلا وَهُمْ كُسَالَى } أي : ليس لهم قصد صحيح ، ولا همة في العمل ، { وَلا يُنْفِقُونَ } نفقة { إِلا وَهُمْ كَارِهُونَ }

وقد أخبر الصادق المصدوق أن الله لا يمل حتى تملوا ، وأنه طيب لا يقبل إلا طيبا ؛ فلهذا لا يتقبل الله من هؤلاء نفقة ولا عملا لأنه إنما يتقبل من المتقين .


[1]:زيادة من أ.
 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{وَمَا مَنَعَهُمۡ أَن تُقۡبَلَ مِنۡهُمۡ نَفَقَٰتُهُمۡ إِلَّآ أَنَّهُمۡ كَفَرُواْ بِٱللَّهِ وَبِرَسُولِهِۦ وَلَا يَأۡتُونَ ٱلصَّلَوٰةَ إِلَّا وَهُمۡ كُسَالَىٰ وَلَا يُنفِقُونَ إِلَّا وَهُمۡ كَٰرِهُونَ} (54)

{ وما منعهم أن تُقبل منهم نفقاتهم إلا أنهم كفروا بالله وبرسوله } أي وما منعهم قبول نفقاتهم إلا كفرهم . وقرأ حمزة والكسائي " أن يقبل " بالياء لأن تأنيث النفقات غير حقيقي . وقرئ " يقبل " على أن الفعل لله . { ولا يأتون الصلاة إلا وهم كسالى } متثاقلين . { ولا ينفقون إلا وهم كارهون } لأنهم لا يرجون بهما ثوابا ولا يخافون على تركهما عقابا .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{وَمَا مَنَعَهُمۡ أَن تُقۡبَلَ مِنۡهُمۡ نَفَقَٰتُهُمۡ إِلَّآ أَنَّهُمۡ كَفَرُواْ بِٱللَّهِ وَبِرَسُولِهِۦ وَلَا يَأۡتُونَ ٱلصَّلَوٰةَ إِلَّا وَهُمۡ كُسَالَىٰ وَلَا يُنفِقُونَ إِلَّا وَهُمۡ كَٰرِهُونَ} (54)

يحتمل أن يكون معنى الآية : وما منعهم الله من أن تقبل إلا لأجل أنهم كفروا ، ف { أن } الأولى على هذا في موضع خفض نصبها الفعل حين زال الخافض ، و «أن » الثانية ، في موضع نصب مفعول من أجله ، ويحتمل أن يكون التقدير : وما منعهم الله قبول نفقاتهم إلا لأجل كفرهم ، فالأولى على هذا في موضع نصب ، ويحتمل أن يكون المعنى : وما منعهم الله قبول نفقاتهم إلا كفرهم ، فالثانية في موضع رفع فاعلة ، وقرأ ابن كثير ونافع وابن عامر وعاصم : «أن تقبل منهم نفقاتهم » وقرأ حمزة والكسائي ونافع فيما روي عنه : «أن يقبل منهم نفقاتهم » بالياء وقرأ الأعرج بخلاف عنه : أن تقبل منهم نفقتهم «بالتاء من فوق وإفراد النفقة ، وقرأ الأعمش ، » أن يقبل منهم صدقاتهم ، وقرأت فرقة : «أن نقبل منهم نفقتهم » بالنون ونصب النفقة ، و { كسالى } جمع كسلان ، وكسلان إذا كانت مؤنثته كسلى لا ينصرف بوجه وإن كانت مؤنثته كسلانة فهو ينصرف في النكرة ثم أخبر عنهم تعالى أنهم «لا ينفقون دومة إلا على كراهية » إذ لا يقصدون بها وجه الله ولا محبة المؤمنين ، فلم يبق إلا فقد المال وهو من مكارههم لا محالة .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{وَمَا مَنَعَهُمۡ أَن تُقۡبَلَ مِنۡهُمۡ نَفَقَٰتُهُمۡ إِلَّآ أَنَّهُمۡ كَفَرُواْ بِٱللَّهِ وَبِرَسُولِهِۦ وَلَا يَأۡتُونَ ٱلصَّلَوٰةَ إِلَّا وَهُمۡ كُسَالَىٰ وَلَا يُنفِقُونَ إِلَّا وَهُمۡ كَٰرِهُونَ} (54)

عطف على جملة { إِنَّكُمْ كُنتُمْ قَوْماً فاسقين } [ التوبة : 53 ] لأنّ هذا بيان للتعليل لعدم قبول نفقاتهم بزيادة ذكر سببين آخريْن مانعين من قبول أعمالهم هما من آثار الكفر والفسوق . وهما : أنّهم لا يأتون الصلاة إلاّ وهم كسالى ، وأنّهم لا ينفقون إلاّ وهم كارهون . والكفر وإن كان وحده كافياً في عدم القبول ، إلاّ أنْ ذكر هذين السببين إشارة إلى تمكّن الكفر من قلوبهم وإلى مذمّتهم بالنفاق الدالّ على الجبن والتردّد . فذكر الكفر بيان لذكر الفسوق ، وذكر التكاسل عن الصلاة لإظهار أنّهم متهاونون بأعظم عبادة فكيف يكون إنفاقهم عن إخلاص ورغبة . وذكر الكراهية في الإنفاق لإظهار عدم الإخلاص في هذه الخصلة المتحدّث عنها .

وقرأ حمزة والكسائي : { أن يُقبل منهم } بالمثناة التحتية لأنّ جمع غير المؤنّث الحقيقي يجوز فيه التذكير وضدّه .