الهداية إلى بلوغ النهاية لمكي بن ابي طالب - مكي ابن أبي طالب  
{وَمَا مَنَعَهُمۡ أَن تُقۡبَلَ مِنۡهُمۡ نَفَقَٰتُهُمۡ إِلَّآ أَنَّهُمۡ كَفَرُواْ بِٱللَّهِ وَبِرَسُولِهِۦ وَلَا يَأۡتُونَ ٱلصَّلَوٰةَ إِلَّا وَهُمۡ كُسَالَىٰ وَلَا يُنفِقُونَ إِلَّا وَهُمۡ كَٰرِهُونَ} (54)

ثم أخبر الله تعالى بالعلة التي من أجلها لم تقبل نفقاتهم{[28950]} ، فقال{[28951]} : { وما منعهم أن تقبل منهم نفقاتهم }[ 54 ] ، أي : بأن تقبل{[28952]} ، { إلا أنهم }[ 54 ] ، " أن " في موضع رفع{[28953]} ، أي : ما منعهم أن تقبل منهم نفقاتهم إلا كفرهم{[28954]} .

وأجاز الزجاج ، أن تكون " أن " في موضع نصب ، على معنى : إلا{[28955]} لأنهم كفروا ، ويكون الفاعل مضمرا في { منعهم } ، والتقدير وما منعهم الله من أن تقبل منهم نفقاتهم إلا أنهم كفروا{[28956]} .

ويجوز عند سيبويه{[28957]} ، أن تكون{[28958]} في موضع جر ، على تقدير حذف الخافض{[28959]} .

ومن قرأ : { أن تقبل } ب : " الياء " {[28960]} ، رده على معنى الإنفاق ، لأنه والنفقات سواء{[28961]} فالذي منعهم من القبول هو كفرهم بالله ، عز وجل ، وبرسوله عليه السلام ، وإتيانهم الصلاة وهم كسالى{[28962]} عنها ؛ لأنهم لا يرجون بها ثوابا ، ولا يخافون بالتفريط فيها عقابا ، إنما يقيمونها مخافة على أنفسهم رياء ، وأنهم لا ينفقون شيئا من أموالهم { إلا وهم كارهون }[ 54 ] ، إذ لا يرجون ثوابه{[28963]} .


[28950]:في "ر": نفقاتهم، وهو سهو ناسخ.
[28951]:في "ر": قال.
[28952]:انظر: التبيان 2/646، 647، والبحر المحيط 4/55، والدر المصون 3/473.
[28953]:قال في مشكل إعراب القرآن 1/330، "قوله: {أن تقبل}، "أن" في موضع نصب بـ:"منع" و"أن" في قوله {أنهم}، في موضع رفع بـ:"منع"، لأنها فاعلة".
[28954]:إعراب القرآن للنحاس 2/221، انظر: معاني القرآن للفراء 1/442، وجامع البيان 14/294، ومعاني القرآن وإعرابه للزجاج 2/453، والكشاف 2/267، وزاد المسير 3/452.
[28955]:في "ر": إلا أنهم.
[28956]:لم أقف على قول الزجاج في معانيه المطبوعة 2/453، انظر: في إعراب القرآن للنحاس 2/221.
[28957]:انظر: الكتاب 3/146.
[28958]:في "ر": يكون.
[28959]:إعراب القرآن للنحاس 2/221، من دون قوله: "على تقدير...".
[28960]:وهي قراءة حمزة، والكسائي، الكشف عن وجوه القراءات السبع 1/503، وكتاب السبعة في القراءات 315، وإعراب القراءات السبع 1/249، ومعاني القراءات 1/454، وحجة القراءات 319، والتيسير 97. وقرأ ابن كثير، ونافع، وأبو عمرو، وعاصم، وابن عامر، بـ"التاء" المصادر نفسها فوقه.
[28961]:قال في الكشف، المصدر السابق: "...لأن النفقات تأنيثها غير حقيقي، ولأنه قد فرق بينها وبين الفعل بـ:{منهم}، ولأن النفقات أموال، فكأنه قال: أن يقبل منهم أموالهم، فحمل على المعنى فذكر". انظر زاد المسير 3/452.
[28962]:قال الزجاج في معاني القرآن وإعرابه 2/453: "وكسالى، بالضم، والفتح، جمع كسلان، وكقولك سكران وسُكارى وسَكارى، ويجوز ولا يأتون الصلاة إلا وهم كسالى، ولا يجوز ذلك في القرآن".
[28963]:انظر: جامع البيان 14/294، 295.