تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{وَمَا مَنَعَهُمۡ أَن تُقۡبَلَ مِنۡهُمۡ نَفَقَٰتُهُمۡ إِلَّآ أَنَّهُمۡ كَفَرُواْ بِٱللَّهِ وَبِرَسُولِهِۦ وَلَا يَأۡتُونَ ٱلصَّلَوٰةَ إِلَّا وَهُمۡ كُسَالَىٰ وَلَا يُنفِقُونَ إِلَّا وَهُمۡ كَٰرِهُونَ} (54)

وقال : ( وَمَا مَنَعَهُمْ أَنْ تُقْبَلَ مِنْهُمْ نَفَقَاتُهُمْ ) الآية . في الآية وجهان :

أحدهما : دلالة إثبات رسالة محمد صلى الله عليه وسلام لأنه أخبر أنهم ( وَلا يَأْتُونَ الصَّلاةَ إِلاَّ وَهُمْ كُسَالَى ) وهم في الظاهر كانوا يأتون الصلاة على ما كان يأتي المؤمنون . ثم أخبر أنهم يأتونها كسالى . دل [ أنه ][ من م ، ساقطة في الأصل ] إنما عرف ذلك بالله تعالى . وكذلك أخبر أنهم ينفقون ، وهم كارهون لذلك ، وكانوا ينفقون في الظاهر مراآة لموافقتهم . ثم أخبر أنه كانوا كارهين لذلك في السر . دل أنه إنما علم ذلك بالله تعالى .

والثاني : ألا تقوم قربة ، ولا تقبل ، إلا على حقيقة الإيمان ؛ هو شرط قيام هذه العبادات وقبول القُرَب ، لا أن نفسها إيمان ، لأنهم يظهرون الإيمان ، ويسرون الكفر . دل أنه ما ذكرنا ، وبالله التوفيق .

وقوله تعالى : ( إنكم كنتم قوما فاسقين ) أي إنكم كنتم فاسقين . ويحتمل قوله : ( إنكم ) أي صرتم فاسقين بما أنفقتم ، وأنتم كارهون ؛ إذ هم قد أظهروا الإيمان ، ثم تركوه ، كقوله : ( ذلك بأنهم آمنوا ثم كفروا )[ المنافقون : 3 ] أخبر أنهم آمنوا ، ثم كفروا فعلى ذلك الأول .

وقوله تعالى : ( وَلا يَأْتُونَ الصَّلاةَ إِلاَّ وَهُمْ كُسَالَى ) وكسلى ، وكسالى فيه لغات ثلاث[ في الأصل وم : ثلاثة ] ، والمعنى واحد ؛ وهو أنهم لا يأتون الصلاة إلا مستقلين لأنهم كانوا لا يرونها قربة .