الدر المصون في علم الكتاب المكنون للسمين الحلبي - السمين الحلبي  
{وَمَا مَنَعَهُمۡ أَن تُقۡبَلَ مِنۡهُمۡ نَفَقَٰتُهُمۡ إِلَّآ أَنَّهُمۡ كَفَرُواْ بِٱللَّهِ وَبِرَسُولِهِۦ وَلَا يَأۡتُونَ ٱلصَّلَوٰةَ إِلَّا وَهُمۡ كُسَالَىٰ وَلَا يُنفِقُونَ إِلَّا وَهُمۡ كَٰرِهُونَ} (54)

قوله تعالى : { أَن تُقْبَلَ } : فيه وجهان ، أحدهما : أنه مفعول ثانٍ ل " منع " : إمَّا على تقدير إسقاطِ حرف الجر ، أي : من أن يُقْبل وإمَّا لوصول الفعل إليه بنفسه ، لأنك تقول : منعتُ زيداً حَقَّه ومِنْ حقه . والثاني : أنه بدلٌ من " هم " في مَنْعِهم ، قاله أبو البقاء كأنه يريد بدلَ الاشتمال . ولا حاجَة إليه .

وفي فاعل " منع " وجهان ، أحدهما وهو الظاهر أنه { إِلاَّ أَنَّهُمْ كَفَرُواْ } ، أي : ما منعهم قبولَ نفقتهم إلا كفرُهم . والثاني : إنه ضمير الله تعالى ، أي : وما منعهم الله ، ويكون " إلا أنهم " منصوباً على إسقاط حرف الجر ، أي : لأنهم كفروا .

وقرأ الأخَوان : " أن يُقْبَلَ " بالياء من تحت ، والباقون بالتاء من فوق ، وهما واضحتان لأنَّ التأنيثَ مجازي ، وقرأ زيد بن علي كالأخوين ، إلا أنه أفرد النفقة . وقرأ الأعرج : " تُقْبل " بالتاء من فوق ، " نفقتُهم " بالإِفراد . وقرأ السُّلمي : " يَقبل " مبنياً للفاعل وهو الله تعالى . وقرىء : " نَقْبل " بنون العظمة ، " نفقتهم " بالإِفراد .

قوله : { إِلاَّ وَهُمْ كُسَالَى } ، { إِلاَّ وَهُمْ كَارِهُونَ } كلتا الجملتين حالٌ من الفاعل قبلها .