في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{وَقُل لِّعِبَادِي يَقُولُواْ ٱلَّتِي هِيَ أَحۡسَنُۚ إِنَّ ٱلشَّيۡطَٰنَ يَنزَغُ بَيۡنَهُمۡۚ إِنَّ ٱلشَّيۡطَٰنَ كَانَ لِلۡإِنسَٰنِ عَدُوّٗا مُّبِينٗا} (53)

40

ثم يلتفت السياق عن هؤلاء المكذبين بالبعث والنشور ، المستهزئين بوعد الله وقول الرسول ، المنغضين رؤوسهم المتهكمين المتهجمين . . يلتفت عنهم إلى عباد الله المؤمنين ليوجههم الرسول [ ص ] أن يقولوا الكلمة الطيبة وينطقوا دائما بالحسنى :

( وقل لعبادي يقولوا التي هي أحسن . إن الشيطان ينزغ بينهم ، إن الشيطان كان للإنسان عدوا مبينا ) .

( وقل لعبادي يقولوا التي هي أحسن ) على وجه الإطلاق وفي كل مجال . فيختاروا أحسن ما يقال ليقولوه . . بذلك يتقون أن يفسد الشيطان ما بينهم من مودة . فالشيطان ينزغ بين الإخوة بالكلمة الخشنة تفلت ، وبالرد السيى ء يتلوها فإذا جو الود والمحبة والوفاق مشوب بالخلاف ثم بالجفوة ثم بالعداء . والكلمة الطيبة تأسو جراح القلوب ، تندي جفافها ، وتجمعها على الود الكريم .

( إن الشيطان كان للإنسان عدوا مبينا ) . .

يتلمس سقطات فمه وعثرات لسانه ، فيغري بها العداوة والبغضاء بين المرء وأخيه . والكلمة الطيبة تسد عليه الثغرات ، وتقطع عليه الطريق ، وتحفظ حرم الأخوة آمنا من نزغاته ونفثاته .

ا

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{وَقُل لِّعِبَادِي يَقُولُواْ ٱلَّتِي هِيَ أَحۡسَنُۚ إِنَّ ٱلشَّيۡطَٰنَ يَنزَغُ بَيۡنَهُمۡۚ إِنَّ ٱلشَّيۡطَٰنَ كَانَ لِلۡإِنسَٰنِ عَدُوّٗا مُّبِينٗا} (53)

يأمر تعالى رسوله صلى الله عليه وسلم أن يأمر عباد الله المؤمنين ، أن يقولوا في مخاطباتهم ومحاوراتهم الكلام الأحسن والكلمة الطيبة ؛ فإنه إذ لم يفعلوا ذلك ، نزغ الشيطان بينهم ، وأخرج الكلام إلى الفعال ، ووقع الشر والمخاصمة والمقاتلة ، فإن الشيطان عدو لآدم وذريته من حين امتنع من السجود لآدم ، فعداوته ظاهرة بينة ؛ ولهذا نهى أن يشير الرجل إلى أخيه المسلم بحديدة ، فإن الشيطان ينزغ في يده ، أي : فربما أصابه بها .

وقال الإمام أحمد : حدثنا عبد الرزاق ، حدثنا مَعْمر ، عن همام ، عن أبي هريرة ، رضي الله عنه ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لا يشيرنّ أحدكم إلى أخيه بالسلاح ، فإنه لا يدري أحدكم لعل الشيطان أن ينزع في يده ، فيقع في حفرة من نار{[17602]} .

أخرجاه من حديث عبد الرزاق{[17603]} .

وقال الإمام أحمد : حدثنا عفان ، حدثنا حماد ، أنبأنا علي بن زيد ، عن الحسن قال : حدثني رجل من بني سَلِيط قال : أتيت النبي صلى الله عليه وسلم وهو في أزْفَلَة من الناس ، فسمعته يقول : " المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يخذله ، التقوى هاهنا - [ قال حماد : وقال بيده إلى صدره - ماتواد رجلان في الله فتفرَّق بينهما إلا بحدث يحدثه أحدهما ]{[17604]} والمحدث شَر ، والمحدث شر ، والمحدث شر " {[17605]} .


[17602]:في ف، أ: "النار".
[17603]:المسند (2/317) وصحيح البخاري برقم (7073) وصحيح مسلم برقم (2617).
[17604]:زيادة من ف، أ، والمسند.
[17605]:المسند (5/71).
 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{وَقُل لِّعِبَادِي يَقُولُواْ ٱلَّتِي هِيَ أَحۡسَنُۚ إِنَّ ٱلشَّيۡطَٰنَ يَنزَغُ بَيۡنَهُمۡۚ إِنَّ ٱلشَّيۡطَٰنَ كَانَ لِلۡإِنسَٰنِ عَدُوّٗا مُّبِينٗا} (53)

{ قل لعبادي } يعني المؤمنين . { يقولوا التي هي أحسن } الكلمة التي هي أحسن ولا يخاشنوا المشركين . { إن الشيطان ينزع بينهم } يهيج بينهم المراء والشر فلعل المخاشنة بهم تفضي إلى العناد وازدياد الفساد . { إن الشيطان كان للإنسان عدوا مبينا } ظاهر العداوة .