في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{رَّبُّكُمۡ أَعۡلَمُ بِكُمۡۖ إِن يَشَأۡ يَرۡحَمۡكُمۡ أَوۡ إِن يَشَأۡ يُعَذِّبۡكُمۡۚ وَمَآ أَرۡسَلۡنَٰكَ عَلَيۡهِمۡ وَكِيلٗا} (54)

40

الدرس الخامس : 54 - 55 الناس في قبضة الله والتفضيل لأنبياء الله

وبعد هذه اللفتة يعود السياق إلى مصائر القوم يوم يدعوهم فيستجيبون بحمده ، فإذا المصير كله بيد الله وحده ، إن شاء رحم ، وإن شاء عذب ، وهم متروكون لقضاء الله ، وما الرسول عليهم بوكيل ، إن هو إلا رسول :

( ربكم أعلم بكم ، إن يشأ يرحمكم أو إن يشأ يعذبكم ، وما أرسلناك عليهم وكيلا . وربك أعلم بمن في السماوات والأرض ) . .

فالعلم المطلق لله . وهو يرتب على كامل علمه بالناس رحمتهم أو عذابهم . وعند البلاغ تنتهي وظيفة الرسول .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{رَّبُّكُمۡ أَعۡلَمُ بِكُمۡۖ إِن يَشَأۡ يَرۡحَمۡكُمۡ أَوۡ إِن يَشَأۡ يُعَذِّبۡكُمۡۚ وَمَآ أَرۡسَلۡنَٰكَ عَلَيۡهِمۡ وَكِيلٗا} (54)

يقول الله تعالى : { رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِكُمْ } أيها الناس ، من يستحق منكم الهداية ومن لا يستحق { إِنْ يَشَأْ يَرْحَمْكُمْ } بأن يوفقكم لطاعته والإنابة إليه { أَوْ إِنْ يَشَأْ يُعَذِّبْكُمْ وَمَا أَرْسَلْنَاكَ } [ يا محمد ]{[5]} { عَلَيْهِمْ وَكِيلا } أي : إنما أرسلناك نذيرًا ، فمن أطاعك دخل الجنة ، ومن عصاك دخل النار .


[5]:في د: "تكفروهما".
 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{رَّبُّكُمۡ أَعۡلَمُ بِكُمۡۖ إِن يَشَأۡ يَرۡحَمۡكُمۡ أَوۡ إِن يَشَأۡ يُعَذِّبۡكُمۡۚ وَمَآ أَرۡسَلۡنَٰكَ عَلَيۡهِمۡ وَكِيلٗا} (54)

القول في تأويل قوله تعالى : { رّبّكُمْ أَعْلَمُ بِكُمْ إِن يَشَأْ يَرْحَمْكُمْ أَوْ إِن يَشَأْ يُعَذّبْكُمْ وَمَآ أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ وَكِيلاً } .

يقول تعالى ذكره لهؤلاء المشركين من قريش الذين قالوا أئِذَا كُنّا عِظاما وَرُفاتا أئِنّا لَمَبْعُوثُونَ خَلْقا جَدِيدا : رَبّكُمْ أيها القوم أعْلَمُ بِكُمْ إنْ يَشأْ يَرْحَمُكُمْ فيتوب عليكم برحمته ، حتى تنيبوا عما أنتم عليه من الكفر به وباليوم الاَخر وَإنْ يَشَأْ يُعَذّبْكُمْ بأن يخذلكم عن الإيمان ، فتموتوا على شرككم ، فيعذّبكم يوم القيامة بكفركم به . وبنحو الذي قلنا في ذلك ، قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك :

حدثنا القاسم ، قال : حدثنا الحسين ، قال : ثني حجاج ، عن عبد الملك بن جريج قوله : رَبّكُمْ أعْلَمُ بِكُمْ إنْ يَشَأْ يَرْحَمْكُمْ قال : فتؤمنوا أوْ إنْ يَشأْ يُعَذّبْكُمْ فتموتوا على الشرك كما أنتم .

وقوله : وَما أرْسَلْناكَ عَلَيْهِمْ وَكِيلاً يقول لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم : وما أرسلناك يا محمد على من أرسلناك إليه لتدعوه إلى طاعتنا ربا ولا رقيبا ، إنما أرسلناك إليهم لتبلغهم رسالاتنا ، وبأيدينا صرفهم وتدبيرهم ، فإن شئنا رحمناهم ، وإن شئنا عذّبناهم .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{رَّبُّكُمۡ أَعۡلَمُ بِكُمۡۖ إِن يَشَأۡ يَرۡحَمۡكُمۡ أَوۡ إِن يَشَأۡ يُعَذِّبۡكُمۡۚ وَمَآ أَرۡسَلۡنَٰكَ عَلَيۡهِمۡ وَكِيلٗا} (54)

وقوله تعالى : { ربكم أعلم بكم } الآية ، هذه الآية تقوي أن التي قبلها هي ما بين العباد المؤمنين وكفار مكة ؛ وذلك أن هذه المخاطبة في قوله { ربكم أعلم بكم } هي لكفار مكة بدليل قوله { وما أرسلناك عليهم وكيلاً } فكأن الله عز وجل أمر المؤمنين أن لا يخاشنوا الكفار في الدين ثم قال للكفار إنه أعلم بهم ، ورجاهم وخوفهم ، ومعنى { يرحمكم } بالتوبة عليكم من الكفر ، قاله ابن جريج وغيره ، ثم قال النبي صلى الله عليه وسلم : فإنما عليك البلاغ ، ولست بوكيل على إيمانهم ولا بد ، فتتناسب الآيات بهذا التأويل .